ظل الطب التقليدى لسنوات طويلة حريصا على تحديث قائمة الممنوعات التى يسلمها مكتوبة قبل تذكرة الدواء للمريض، ممنوع الحادق والحراق والمسبك والدهون.. قائمة تتكرر مع اختلاف الداء والدواء فى معظم الأحوال. قائمة تحيل طعام الإنسان إلى جرعات بلا طعم أو ألوان ومذاق لا يختلف عليه اثنان كفيل بأن يضيف إلى هموم المريض هما جديدا.
بدأ العلم أخيرا فى مراجعاته لألوان الطعام. بعد أوامر مشددة بعدم الاقتراب من البيض لأصحاب نسب الكوليسترول المرتفع لسنوات تراجع العلم مستدركا أن ثمانين بالمائة من نسبة الكوليسترول تصنع فى الكبد دون أى تدخل من طعام الإنسان إلا بنسبة العشرين بالمائة الباقية. عاد العلم ليسمح بأكل البيض دون خوف أو تهديد.
ظل لزمن ملف الدهون ملفا سيئ السمعة يندد به الأطباء ويتوعدون محبى الزبد ومنتجات الألبان. وجاء العلم مرة أخرى ليسجل تراجعا كبيرا عن اتهامه للزبد ومنتجات الألبان كاملة الدسم ويشير بأصابع الاتهام إلى السمن الصناعى الناشئ عن هدرجة الزيوت أو تمرير غاز الهيدروجين فيها وإضافة نكهات مميزة لها تقربها من الزبد الفلاحى وفقا للإعلانات.
اليوم يجىء دور الفلفل الأحمر والأخضر الحراق صاحب اللون المبهج والمذاق الحار الذى يلسلع كالسوط.
دراسة حديثة تأتينا من إيطاليا ترفع الفلفل الأحمر من قائمة المحظورات بل وتضيف أن تناول الفلفل Chili Paper بانتظام إنما يقى الإنسان خطر الموت بجلطة الشرايين التاجية أو جلطة شرايين المخ!
الدراسة الموسعة شملت رصد الأحوال الصحية لثلاثة وعشرين ألفا من البشر منهم من يأكل قرون الفلفل بانتظام ومنهم من لا يقبل عليها. استمرت الدراسة ثمانى سنوات كاملة واختتمت لتؤكد أن نسبة الوفاة بجلطة شرايين القلب تقل بنسبة أربعين فى المائة عند أولئك الذين يداومون على تناول الفلفل فى طعامهم مقابل من يخافون الاقتراب منه.
أما فيما يتعلق بجلطة المخ فقد سجلت الدراسة أن من ماتوا نتيجة لجلطة المخ ممن يواظبون على تناول الفلفل كانوا نصف من توفوا ممن لا يتناولونه!
المثير فى الدراسة التى نشرتها الدورية العلمية الأشهر فى عالم طب القلب أن الفلفل كان دائما وراء حماية الإنسان من أخطار الجلطة سواء كان الإنسان يحرص على تناول طعام صحى أم لا.
يستعد الفريق الإيطالى الآن لبداية أبحاث جديدة لمعرفة السبب الحقيقى الذى يحمى الإنسان من خطر الجلطة إذا ما واظب على إضافة الفلفل لوجباته.
ينهى الفريق العلمى الذى أدار التجربة حديثه عن الفلفل الحار بتعليق يشير إلى أن طعام الإيطاليين إنما بلاشك يرجع إلى ثقافة عريقة تنتهج أسلوبا فى الطبخ يحقق توازنا فى طعام الانسان.
يظل الانسان يؤمن بالعلم حينما يقترب منه إلى حد مناقشة مفردات ثقافة طعامه. الواقع أنه ولسنوات متعددة ظل طعام أهل المتوسط هو الأمثل للإنسان بشهادة منظمات الأمم المتحدة المختلفة. فى النهاية يرشح الإيطاليون وجبتهم الشهيرة من البنا الأرابياتا التى منها تتميز الباستا بصلصة من الطمام والثوم والفلفل الأحمر للوقاية من جلطة القلب والمخ.. فلا تترددوا.