صرح الدكتور محمد مصطفى حامد وزير الصحة والسكان الحالى فى الأسبوع الماضى بما عبرت عنه جريدة الأهرام «بأن ملامح قانون التأمين الصحى الشامل الاجتماعى» أن الدولة ستتحمل «بالكامل» أعباء اشتراك «الفقراء». وأن المشروع يضم فئتين: الأولى فئة الفقر «المدقع» وهو من يقل دخله عن ثلاثمائة جنيه شهريا ويتم دعمه كليا من قبل الوزارة، أما النوع الثانى من غير القادرين فقد وصفهم السيد الوزير بفئة الفقر الجزئى أولئك ستدعمهم الوزارة دعما جزئيا! وقدر السيد الوزير أصحاب «المدقع» بأنهم يشكلون 40٪ من عدد سكان مصر، أما أصحاب «الجزئى» فقدرهم بنسبة 20٪ أما فئة القادرون الذين طردهم من جنة التأمين الصحى لنار العلاج فى المستشفيات الخاصة فمن البديهى أنهم الأربعون بالمائة الباقين من تعداد عموم بر مصر. أى حديث هذا يا سادة؟ وأى رؤية يتمتع بها السيد الوزير جاءت به إلى موقعه وزيرا للصحة فى مرحلة دقيقة حرجة من تاريخ البلاد؟
لماذا يقترن التأمين الصحى دائما فى بلادنا بتعبيرات دالة على الهوان وضياع الكرامة؟ لماذا يظل الحق فى التأمين الصحى مرادفا للفقر ومنه أنواع منها المدقع والجزئى؟ لماذا يقف عند حدود التعريفات والتوصيات والمشروعات التى تدور كلها فى مدارات الكلام ولا ينتقل أبدا لحيز التنفيذ؟ لكل وزير رأى ولكل إدارة رؤية وكلها بعيدة تماما عن واقع نعيشه وحق انتظرناه طويلا ولا يلوح له أى خيال فى المستقبل القريب؟
هل ستتحول مكاتب وزارة الصحة إلى مراكز يقف الشعب المصرى على أبوابها طوابير احترف الوقوف فيها كطوابير العيش وفراخ الجمعية والآن طوابير صكوك الفقر المدقع التى يجب أن يعيشه من له الحق فى التأمين الصحى؟
الذى صمم نظام التأمين الصحى فى أمريكا ونال عليه أوباما أصوات الأمريكيين فى دورته الثانية رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية مصرى هو الدكتور سمير بانوب. بانوب أحد القلائل فى العالم الذين يمكنهم صياغة نظام تأمين صحى يلبى احتياجات كل مواطن فى أى وطن. وضع أسس التأمين الصحى لثمانى وستين بلدا فى العالم فهل يعجز عن إبداء الرأى فيها يتعلق ببلده الأم. لدى كل الوسائل الممكنة للاتصال به فهل يأذن لى السادة أصحاب الشأن؟
الواقع أن السادة الوزراء فى الحكومة الحالية يطلعون علينا فى كل يوم بالجديد مما يربك تفكيرنا. إذا انتهينا من تعريف وزير الصحة للفقر داهمتنا مبادرة السيد وزير الزراعة لتشجيع المتزوجين على مثنى وثلاث ورباع. المبادرة يدعمها بنك الائتمان الزراعى بقروض ميسرة للرجال طويلة الأجل منخفضة الفائدة 3٪ للزيجة الأولى، 6٪ للثانية، أما الثالثة فمن باب الحياء رفعوها إلى 15٪ منعا للتزاحم إذا كانت العنوسة هى مشكلة مصر القومية فى الوقت الراهن فلا أقل من أن تساهم وزارة الإسكان بشقة لمن ترضى بزواج المسيار (فهى ليست بحاجة لرقم) الذى ابتدعه مولانا الشيخ القرضاوى على ذكر منحة قطر. لنا الله من قبل ومن بعد.