رغم فرض الحظر على صادرات الأرز للعام الثالث على التوالى إلا أن القرار لم ينجح فى القضاء على مشكلة الأرز أو حتى تخفيفها لتشهد أسعار الأرز ارتفاعات قياسية ليتراوح سعر الكيلو بين 5 و7 جنيهات مما شكل عبئا كبيرا على المستهلك.. ومشكلة الأرز ــ الذى لا يقل أهمية عن الخبز بالنسبة للمصريين ــ أخذت أبعادا أخرى فهى لا تقتصر على الارتفاع الكبير فى أسعار الأرز الحر ــ لكنها تهدد مخصصات البطاقات التموينية بعد أن قامت هيئة السلع التموينية بإلغاء مناقصتين لتوريد الأرز بسبب المغالاة فى الأسعار وربما اضطرت وزارة التضامن إلى صرف «المكرونة» كبديل للأرز فى حالة عدم الحصول على التوريدات بسعر مناسب ورغم تهديد الحكومة باستيراد الأرز إلا أن وضع السوق لم يشهد تحسنا يذكر باستثناء تراجع بسيط فى سعر الأرز الشعير.
الحقيقة أن الأرز اصبح لغزا يستعصى على فهم المصريين فالإنتاج يكفى الاستهلاك ويفيض بل أن مصر تنتج ما يتجاوز 20% من الإنتاج العالمى من الأرز قصير الحبة الذى يعد الاكثر جودة عالميا وفى العام الماضى بلغ الإنتاج نحو 4 ملايين طن فى حين يقدر الاستهلاك بحوالى 3.2 مليون ومع ذلك تضاعفت أسعار الأرز الحر رغم حظر التصدير ورغم أن عوامل التكلفة المحلية لا تقارن بالتكلفة العالمية، فضلا عن ان هيئة السلع التموينية فشلت فى توفير احتياجات البطاقات التموينية وهو ما يشير بوضوح إلى وجود احتكار فى تجارة الأرز من جانب والتهريب من جانب آخر، والشىء الغريب أن الحكومة تعترف بالتهريب وتؤكد احتكار تجارة الأرز من جانب حفنة من كبار التجار ــ ورغم ذلك لم تتحرك لمنع احتكار هذه السلعة الإستراتيجية، وكنا ننتظر من حكومة الثورة أو المجلس العسكرى إصدار قرار بتجريم الاحتكار وذلك لحين تعديل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار إلى جانب اتخاذ إجراءات مشددة لمنع التهريب وتغليظ العقوبات لردع الفئة التى تخزن الأرز الشعير وتحبسه عن السوق، كنا ننتظر أيضا من الحكومة أن تدرس وضع حد أقصى لسعر بيع الأرز باعتباره سلعة ضرورية للمستهلك وتؤثر فى أسعار سلع أخرى خاصة أن المادة العاشرة من قانون حماية المنافسة تسمح لرئيس الوزراء وضع حد أقصى لأسعار السلع الإستراتيجية فى حالة الضرورة، وهو ما طالب به كثيرون.
مشكلة الأرز اختبار لمدى قدرة الحكومة على ضبط الأسواق من خلال الآليات التى تملكها فموضوع الأرز يختلف اختلافا جذريا عن السولار أو البوتاجاز فنحن نستورد معظم احتياجاتنا من السولار والبوتاجاز فى حين يغطى الأرز المحلى الاستهلاك ويفيض وفقا للأرقام الرسمية، لذلك كان غريبا أن نرى تصريحا لوزير التضامن يؤكد فيه «أنه لا يمكن السيطرة على ارتفاع الأسعار فى الأسواق فى ظل ضعف الإنتاج وتراجع العرض» وكأننا نلتمس الأعذار لمن يرفع الأسعار!!