النفس والجسد: الأمراض النفسجسدية - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 2:25 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النفس والجسد: الأمراض النفسجسدية

نشر فى : الجمعة 21 يوليه 2023 - 8:30 م | آخر تحديث : الجمعة 21 يوليه 2023 - 8:30 م

قد تتوقف قليلا عزيزى القارئ عند لفظ «النفسجسدية» محاولا فهم حقيقة الأمر وما يدل عليه. ليس من المستبعد أنك أو أن أحد معارفك أو أصدقائك قد بادرك يوما بحديث عن عارض ألم به فذهب للطبيب الذى حار فى أمره بعد إجراء كل التحاليل والأبحاث اللازمة لتشخيص حالته وأنه فى النهاية شخّص ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ أن سبب الألم الذى يعتريه فى نوبات قاسية قد تمنعه أحيانا من الحركة والذى يتمركز عند نهاية عموده الفقرى من الظهر إنما هو «حالة نفسية» أو أحد عوارض ما يعرفه العلم بالأمراض النفسجسدية والتى تتسبب فيها النفس ولا أثر فيها لفعل الميكروبات أو غيرها.
يشير العلم إلى أن تلك الأمراض التى تلعب فيها النفس الدور الأهم إنما بالفعل ينتج عنها أعراض حقيقية قاسية تربك الإنسان وربما تمنعه أن يمارس حياته بصورة طبيعية فتتغير أحواله وتتبدل أيامه ويبدأ الدوران فى دوائر مفرغة تقوده للارتباك.
افتقاد الإنسان للحب والأمان والطمأنينة وعدم شعوره بهدوء النفس وراحة البال وبالتالى عدم قدرته على التعامل مع ضغوط الحياة النفسية والعصبية بأنواعها المختلفة والمتعددة وراء تلك الأعراض النفسجسدية. عدم قدرة الإنسان على تحقيق احتياجاته الأساسية يولد لديه صراعا داخليا ينعكس على نفسيته مسببا أعراضا مرضية واضحة وصريحة يعبر عنها جسده.
المعاناة النفسية: مشاعر الفقد لإنسان عزيز سواء بالموت أو بالانفصال. الضغوط العصبية فى العمل، الفشل فى العلاقات العاطفية مشكلات تنمر الآخرين على إنسان مستهدف، عدم القدرة على مواكبة ارتفاع الأسعار فى مقابل دخل محدود، وغيرها من الأمثلة التى يقف الإنسان أمامها حائرا لا يملك لها دفعا أو يستطيع لها حلا من المشكلات المجتمعية أو الخاصة.
الألم هو العرض الأكثر شيوعا بين الأمراض النفسجسدية: ألم الصدر الحاد الذى يمكن الخلط بينه وأمراض شرايين القلب والذبحة الصدرية، ألم أسفل الظهر إلى جانب مما يلازمه من أعراض أخرى مرافقة وناشئة مثل سرعة دقات القلب وصعوبة التنفس والعرق الغزير والشعور بالإرهاق والدوخة والوهن.
عند العرض على الطبيب وبعد الفحص الإكلينيكى بالطبع ستبدأ سلسلة من التحاليل والأبحاث تأتى كلها سليمة يبدأ عرض أكثر قوة وخطورة هو القلق وما يتبعه من ظواهر مرضية تخل بإيقاع الحياة اليومى الرتيب الذى اعتاده الإنسان. بل وربما أيضا زادت قسوة الأعراض ومعها حدة الشعور بالقلق على حياة الإنسان ومستقبل المرض.
الواقع أنه لا يوجد سبب محدد وواضح لاضطراب الأعراض الجسدية لكن هناك عوامل يشير إليها العلم قد تتكامل لشرح تلك الظاهرة فى مواجهة الضغوط العصبية التى تعد المحفز لظهورها والمعاناة منها.
< عوامل جينية وبيولوجية مثل زيادة الحساسية للألم.
< التأثير العائلى على الإنسان.
< سمة شخصية سلبية للإنسان تؤثر على إدراكه للمرض وطريقة تعامله مع الضغوط المختلفة ونجاحه فى علاجها أو تراجعه أمامها.
< وجود عوامل خطر تجعل الإنسان فريسة سهلة لأمراض النفس مثل المعاناة من أحداث حياتية قاسية أو الشعور بالاكتئاب أو المعاناة من مرض مزمن لفترة طويلة أو التعرض لصدمة سابقة من أيام الطفولة كحالات التنمر أو التحرش الجنسى. أيضا وجود أمراض وراثية فى العائلة والخوف من توارثها.
وعموما فإن مستوى تعليم الإنسان وثقافته بالطبع له أكبر الأثر فى محاولة فهم تلك الأمراض ومجابهتها بما تحتاجه من تفهم وصبر.
فى النهاية أردت اليوم أن ألقى بعض الضوء على تلك الأمراض التى فيها تؤثر النفس على الجسد لتأسره فى سجن انفرادى يحمل اسم الأمراض النفسجسدية لا تجدى معه أقراص أو أمبولات إنما مفتاح علاجه هو التحليل النفسى الواعى الذى يمكن أن يمارسه الإنسان دون اللجوء لطبيب أو بعد استشارة طبيب ينصحك فى النهاية بالراحة وممارسة بعض ألوان الاسترخاء النفسى المفيدة.. ولهذا إن شاء الله حديث باق ممتد بيننا على الصفحة.
دمتم سالمين..

التعليقات