شهدت الأوساط الطبية هذا الأسبوع واقعة غير مسبوقة امتثلت فيها شركة الأدوية العملاقة فايزر فى واشنطن لتسوية فرضتها الإدارة الأمريكية تقضى بتغريمها 2.3 مليار دولار. أقرت فايزر بقبولها تلك التسوية للاتهامات التى تدينها بانتهاك قانون الأدوية والأغذية فيما يتعلق بسياستها التسويقية للأدوية.
تتم غالبا التسويات المماثلة تجنبا للأحكام القضائية إذا ما فضل أى من أطراف النزاع تجنب نظر القضية أمام القضاء.
اتهمت الإدارة الأمريكية شركة فايزر بالترويج لدواء Bextra فى غير سياقه إذ إنه فى الأصل دواء لآلام المفاصل. لكن فايزر روجت له على أنه دواء يكافح الألم فى كل صوره خصوصا الآلام الحادة ومنها آلام ما بعد الجراحات، أى وسعت دائرة استعماله بغير وجه حق. وأصدرت المؤسسة توجيهات لمندوبى البيع والتسويق بالتغاضى عن ذكر أو شرح المضاعفات التى يمكن أن تحدثها جرعات أكبر من الدواء تحتاجها تلك الآلام الحادة ومنها تأثيرها المدمر على الكلى وشرايين القلب والجلد.
بل عقدت المؤتمرات للترويج للدواء الساحر ودعمتها بالأبحاث التى تدعم نتائجه.
حينما توالت التقارير التى تثبت أن الدواء يستعمل فى حالات لا يصلح لها وأن مضاعفاته تفوق الفائدة منه أوقفت الإدارة الأمريكية استعماله وتم سحبه من الأسواق عام 2005.
القضية لا تتعلق بمضاد الألم و حده وإنما أيضا بأحد المهدئات (Geodon) و مضاد حيوى (Zyvox) وأحد مضادات ألم الأعصاب (Lyrica) كلها أدوية روجت لها فايزر فى الأسواق بغرض الربح فى المقام الأول دون أدنى اعتبار للغرض الأول من صناعة الدواء: صحة الإنسان.
العقاب المادى الضخم الذى يمثل دخل شركة فايزر فى ثلاثة أسابيع قبلته صاغرة فى محاولة لاحتواء تداعيات الأمر والذى قد يسفر عن أخطاء أخرى لاتزال ترتكب فى سياسات تلك الشركات العملاقة التى باتت تحكم العالم وتتحكم فى اقتصاده.
الجدير بالملاحظة أن التحقيقات بدأت فى عهد الإدارة الأمريكية السابقة (حكومة بوش) وأعلن عنها وتمت تسويتها فى عهد أوباما فالأمر متروك للمؤسسات. توافرت أركان الجريمة فحق العقاب فهل هذا يعنى أن الكلمة العليا لاتزال للعدل أم أن العقاب نزل فقط على رأس جبل من الجليد يختفى تحت الماء؟