أبنائى ورفاقى: لا أجد من الكلمات ما يمكن أن يصف امتنانى لكم، وعميق ثنائى على ما أظهرتموه من ولاء وقدرة على تحمل الأمانة وأداء المهام التى أوكلتها لكم بتطبيق حرفى لما رسمته لكم من خطوات.
أعترف بأننى كدت أخون عهدكم يوما حين حاولت أن أجعل هذا الأمر إرثا عائليا وأتركه لنجلى وأنحاز لأسرتى التى صنعتها وأخون عائلتى الكبيرة التى صنعتنى وسلمتنى أمانة حتى أردها كما تسلمتها إلى رفيق سلاح، لكن المقادير وحدها أعادت تصويب الأمور.
تعلمون أن هناك من حاول أن يقنعنى بأن أغادر وفق أحكام دستور أنتم تعلمون كيف صنعته، أن أغادر وفقط ويتولى الدستور تفصيل الأمور بما كان سيبعد الأمر تماما عنكم بأن يتصدر رأس البرلمان أو المحكمة الدستورية وتجرى انتخابات للرئاسة لا ينال أحد منكم فرصة الترشح فيها، لكننى كنت أدرك ما أفعل حين أوكلت لكم الأمر ضاربا بعرض الحائط كل ما ظللت أتحدث عنه طوال 30 عاما عن الشرعية الدستورية.
وأقدر تماما الآن حجم الضغوط التى دفعتكم لإدخالى القفص، أعرف أن اتفاقنا لحظة التسليم والتسلم كان مختلفا، لكن لا بأس طالما أنى مستمتع باحتجاز رئاسى، والقضية كما تعرفون فى طريقها لما يرد اعتبارى أمام بنى وطنى الذين مازال يحز فى نفسى تطاولهم رغم ما قدمته من جهد وطنى لـ60 عاما.
أبنائى ورفاقى: لعلكم تدركون الآن كما يدرك الجميع صدق حدسى وبصيرتى، حين خيرت الجميع فى الداخل والخارج بين بقائى وبين الفوضى، وحين قلت للجميع إن التطرف والتشدد هو بديل نظامى، وها هم الآن يتجرعون الخوف ويسقطون بين خيارات مرة، إما القبول بإعادة الأمر لكم أو القبول بالتطرف، أو مواصلة الغرق فى الفوضى.
ربما تذكرون ما قلته حين نصحتكم من البداية بتقريب المتشددين وفتح الأبواب أمامهم، وهى خطة بدأها مدير مخابراتى، كنت أعلم تماما ما سيعترى هؤلاء المتشددين من إحساس بالاستقواء والاستعلاء، وحجم المخاوف والانقسام الذى سيضرب الجميع من تطميعهم فى السلطة، وأدائهم وسط هذا الإحساس وكأنهم أصحاب الحكم.
قطعا أحيى اجتهاداتكم فى احتواء الجميع وإجهاض هذا الفوران، والتنكيل بالأشقياء الذين هتفوا ضدى فى الميدان، وترك المجال لـ«أبنائى» لتأديب الناس التى ظنت أنها نضجت بما يكفى لتقرر مصيرها وتحكم نفسها، واستخدام القسوة مع هؤلاء الأشقياء وغض الطرف عن «الطرف المجهول» الذى يشعل الأمور.. «بالمناسبة أعجبتنى جدا فكرة المجهول هذه وقدرتكم على إبقائه مجهولا كل مرة».
أبنائى ورفاقى: لا تتصورون سعادتى وفخرى بكم وأنا أرى نظرائى من حولى يقتلون ويهربون فيما أنا آمن فى وطنى، وواثق أنكم جعلتم الناس تندم وتترحم على زمنى، وتثق فى أننى كنت أحميهم من الفوضى والانفلات والتشدد.
أشد على أياديكم وأدعوكم لمواصلة المسيرة حتى استرداد الأمانة.. والله الموفق..!