حدد بيان صادر عن وزارة الصحة وعلى رأسها الآن للمفارقة وزيرة (بعقد الهاء) أنه قد تقرر حصر أحقية الحصول على الألبان الصناعية التى تدعمها الدولة على التوائم وفى حالات انقطاع لبن الأم أو مرضها أو وفاتها!
أشار البيان إلى أن ذلك يأتى فى إطار سياسة وزارة الصحة لتشجيع الأمهات على الرضاعة الطبيعية والحد من استخدام الألبان الصناعية الأمر الذى تدعمه توجيهات منظمة الصحة العالمية والاتفاقات الدولية التى تنظم عملية تسويق الألبان الصناعية.
لا أحد ينكر علي وجه الإطلاق نعمة الرضاعة الطبيعية. الأم ترضع طفلها حنانها مع حليب صدرها فتهدأ نفسه إثر خروجه إلى عالم غريب تتصاعد ضجته من حوله بعد أيام طويلة بين الدفء والصمت والظلام. طفل نهل من صدر أمه ينمو متوازن النفس سليم البنيان له من المناعة ما يمكنه من صد هجوم الجراثيم والميكروبات الشرسة.
تشجيع الأمهات على الرضاعة الطبيعية أصبح سياسة تتبناها بالفعل الحكومات إلى الحد الذى تكونت معه فى أمريكا وكندا جمعيات تطالب بالحرية للأمهات من ذلك القيد. بالفعل تكونت جمعيات تحت تسميات متعددة تطالب الحكومات بأن تكف عن «تحريض» الأمهات على إرضاع أطفالهن إلى درجة تبلغ حد الإلزام. يرى أولئك الناشطون الجدد أن المرأة وحدها لها حرية قرار إرضاع ابنها من عدمه، ففى ذلك جهد يلزمها بإرضاع وليدها مرات متعددة فى اليوم وهذا بلا شك يتعارض مع نشاطاتها اليومية ويجعلها أحرص على تناول أطعمة قد تزيد من وزنها فتخل بمقاييسها الجمالية!
فما الذى تفعله تلك الحكومات للضغط على الأم ويعد اعتداء على حريتها يستحق استنفار الناشطين الجدد: فى كندا تمنح الدولة الأم إجازة عاما كاملا بمرتب كامل لإرضاع طفلها وتمنح الزوج بالتبادل عاما كاملا أيضا بمرتب كامل إذا أراد رعاية الطفل فى عامه الثانى. تمنح الأم ــ إذا طلبت ــ غداء يوميا من المستشفى يعده اخصائيو تغذية بغرض معاونتها على توافر قدر من اللبن كاف للطفل. تمنح الطفل فى العامين الأولين كل ما يحتاجه من ملابس وحفاضات صحية ناهيك عن خمسمائة دولار شهريا لتربية الطفل وتوفير احتياجاته وحتى بداية أيام المدرسة للعائلات محدودة الدخل تلك وغيرها حقوق تمنحها الدولة للأم بلا واجبات فى المقابل إلا رضاها عن وظيفة طبيعية تلقائية تقوم بها كونها أمًّـا. هكذا خلقها سبحانه.
ما الذى تقدمه السيدة الوزيرة لتشجيع الأمهات بالفعل على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية إذا ما كانت تلك هى سياسة الوزارة؟
أنا لا أدعو على الإطلاق لتشجيع اللجوء للألبان الصناعية ولكنى أدعو لرعاية الأمهات وأغلبهن يعانين من سوء التغذية لذا ينحسر الحليب من صدورهن ويضربها الجفاف. الأمهات فى حاجة إلى دعم يبقى اللبن فى صدورهن للأطفال. فلنبدأ بالثواب قبل العقاب.