أيهما نصدق.. تصريحات الممثل القانونى للرئيس السابق حسنى مبارك، التى نفى فيها نفيا قاطعا كل ما نشرته وسائل الإعلام طوال الأسابيع الماضية من معلومات مغلوطة وكاذبة، وشائعات مغرضة لا أساس لها من الصحة تتعلق بحجم ثروة مبارك أو وجود أرصدة أو ممتلكات له بالخارج.. أم ما أعلنته الحكومة السويسرية عن اكتشاف عشرات الملايين من الفرنكات فى حسابات تابعة لمبارك وأسرته فى أحد بنوكها، وتم تجميدها، وانها تواصل البحث عن أرصدة أخرى.
المؤكد أن أحد الطرفين كاذب.. فإذا كان الممثل القانونى للرئيس السابق يخفى الحقيقة، فعلينا أن نحاكمه هو والرئيس.. أما إذا كانت الحكومة السويسرية هى الكاذبة، فان على الممثل القانونى أن يرفع دعوى قضائية عليها الآن..!
فنحن لا يجب أن نترك الذمة المالية للرئيس ــ أى رئيس ــ نهبا للقيل والقال ولجلسات النميمة أو لقعدات المقاهى، ليس فقط لأننا نتحدث هنا عن مليارات الجنيهات، ولكن لأننا بصدد بناء نظام سياسى جديد ليس فيه احد فوق القانون ،حتى لو كان رئيس الجمهورية.. ولو استثنينا مبارك والذين معه، فإننا نفتح الأبواب أمام استثناء الرئيس القادم، لنشارك بذلك فى وضع أول حجر فى عرش فرعون جديد، يعيد انتاج دولة مبارك مرة أخرى فى ثوب جديد وبأسماء لم تحرق بعد!
قد يكون مبارك بريئا من هذه الشائعات، ولكن عليه أن يقدم لنا أدلة أكثر من مجرد إقرار الذمة المالية بأن يعلن مبارك هو وولداه وكبار رجال نظامه أنهم تحت تصرف الجهات القضائية، وأن يوضح لنا لماذا فاحت رائحة الفساد فى عصره لهذا الحد الذى طال وزراءه ونجوم عهده، دون أن يوقفهم عند حدهم..!
هناك ضرورة حتمية لمعرفة ثروة مبارك، لإثبات قدرة نظامنا الجديد ــ الذى نحاول أن نبنيه الآن ــ على تحويل شعارات الثورة إلى دولة عصرية تحترم الشفافية والقانون والحريات والعدل والمساواة.. خاصة أن تجاهل هذه القضية سوف يفتح أبواب الفساد أمام كبار المسئولين ورجال الأعمال، الذين استفادوا من نظام مبارك القمعى ،لكى يعيدوا بناء مؤسسات المافيا التى كانت تحكمنا بسلطات مطلقة، من أجل أن يستعيدوا نفوذهم القديم حينما تهدأ شرارة الثورة المشتعلة الآن فى نفوس الملايين، وهو ما تراهن عليه فلول هذه المافيا، التى تحاول تنظيم مظاهرات لتكريم مبارك واتخاذه واجهة لإثارة الفوضى لسرقة الثورة والانقضاض على مكتسباتها.
وبدون إزالة الغموض حول ثروة مبارك فمن الصعب ان نقول اننا اسقطناه.. فالحقيقة اننا ابعدناه فقط عن الحكم ولم نسقط نظامه بعد..