أنصار الرئيس محمد مرسى يعتقدون ان الرجل تفوق على نفسه وكان بارعا فى حواره مع قناة الجزيرة القطرية مساء السبت الماضى، وقال أحد هؤلاء إن مرسى ظهر كرجل دولة من الطراز الأول.
خصوم الرئيس وجماعة الإخوان يعتقدون أن أداءه فى الحوار كان «كارثيا»، والتعليقات الساخرة فى هذا المجال لا تحصى، أخفها ان المذيعة خديجة بن قنة ــ المعروفة بهدوئها ــ قررت اعتزال المهنة بأكملها بعد هذا الحوار.
الطبيعى أن قناة الجزيرة أملت فى الحصول على أخبار وخبطات جديدة حصرية من حوار ، خصوصا أن الملفات الملتهبة والأسئلة التى تبحث عن إجابات لا تعد ولا تحصى. والمفروض أن القناة لم تتخيل أن تعطى الرئيس ساعتين كاملتين من البث من دون الحصول على أخبار حصرية.
بنظرة مهنية فإنه إذا كانت خطة الرئيس مرسى وفريق مساعديه من هذا الحوار ألا يقدم أى معلومة جديدة فقد نجح نجاحا باهرا.
سيقول البعض انه أعلن عن قرب إجراء تعديل وزارى، لكن هذا الخبر تم نشره فى الصحف المصرية طوال الأسبوع السابق لإجراء الحوار.
وكان لافتا ان الرئيس لم ينتظر بث الحوار المسجل مساء، وكشف عن الخبر عصرا عبر حسابه على «تويتر» ربما حتى لا يعطى بعض المتربصين فرصة للقول إنه كشف عن التعديل عبر وسيلة إعلام قطرية وليست مصرية.
الملحوظة الثانية والمهمة وأرجو أن يتقبلها أنصار الرئيس ومساعدى الرئيس بصدر رحب هى أنه يجب إعادة النظر بشكل عاجل وحاسم فى طريقة مخاطبة الرئيس لوسائل الإعلام.
لدى الرئيس وبعض قادة جماعة الإخوان فهما لمخاطبة الناس قائم على مفهوم «خطبة الجمعة» القديم، حيث يقوم الخطيب بالإكثار من المقدمات والاطناب والإسهاب وتكرار المعانى بألفاظ مختلفة. وربما يرجع ذلك الى ان التربية الدينية ونوعية الكتب التى يقرأها قادة الإخوان.
وإذا كان نجوم الخطابة الحاليين فى المساجد قد طوروا من أساليبهم للوصول إلى قلوب وعقول المصلين، فإنه من الملح ان يغير الرئيس ومساعديه من طريقة مخاطبتهم للإعلام.
فى مرات كثيرة لا يكون أمام الضيف أكثر من دقيقتين لكى يجرى مداخلة تليفزيونية، وبالتالى وجب عليه الدخول فى الموضوع مباشرة لتوصيل فكرته بسرعة، عبر الاختزال والتكثيف.
المشاهدون الجدد لا يستطيعون تحمل سياسى يتحدث لمدة ساعتين إلا إذا كانت لديه معلومات طازجة تماما، أو قصص وحكايات جديدة، وأفضل من يفعل ذلك حاليا هو الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.
وإذا أضفنا أن هناك معارضين ومتربصين بالرئيس وجماعته، لوجب على مستشارى الرئيس لشئون الإعلام ان يتحسبوا لكل شاردة وواردة، بدءا من استخدام أو عدم استخدام ألفاط إشارات معنية نهاية بالأفكار العامة.
وبمناسبة الأفكار العامة، فالرئيس خلال الحوار قال كلاما طيبا عن المعارضة والأقباط والإعلام، بل والقضاء. لكن المشكلة البسيطة والمعقدة فى نفس الوقت ان الكلمات والعبارات الجيدة تحتاج إلى أفعال تسندها على الأرض.
ربما كان موقف الرئيس هو ما عبر عنه بالفعل خلال الحوار تجاه هذه القطاعات، لكن سلوك جماعته وتياره، على النقيض تماما من موقفه، وبالتالى فإن القاضى سيصدق فقط القانون الموجود فى مجلس الشورى ضده، لمجرد ان سنه تجاوزت ستين أو خمسة وستين عاما، والإعلامى لن يصدق إلا محاولات استهداف الإعلام، والمعارض لن يصدق إلا التضييق على حزبه وابعاده عن المشاركة فى العملية السياسية.
مرة أخرى رسالة إلى الفريق الرئاسى: فى الاعلام ليس مهما للسياسى ان يكون على صواب أو على خطأ.. المهم أن تصل رسالته كما يريدها إلى الجمهور ليقتنع بها.