تريد الجماعة قضاة السمع والطاعة، وإعلاميى السمع والطاعة، وحقوقيى السمع والطاعة، ونشطاء السمع والطاعة، هى فى النهاية تحاول أن تبنى مجتمع السمع والطاعة فى ربوع الوطن، كما نجحت فى بنائه داخل التنظيم المغلق.
هذه هى الأزمة الحقيقية التى تستبد بقادة الجماعة، التى ما تعودت على غير ذلك، حتى حين واجهت أزمات لها علاقة بمن يملكون وجهة نظر خاصة أو معترضة أو منتقدة، كان مصيرهم الخروج من التنظيم.
الرئيس مرسى الذى خرج من رحم هذا التنظيم القائم على الطاعة الهرمية من أعلى إلى أسفل، لديه ذات الإشكال، وذات الخلط، بين الوطن والجماعة، علموه داخل التنظيم، كما يتعلم أى عضو أن مهمته نقل هذا المجتمع القائم فى الداخل بصيغته وأنماطه وطرائق تفكيره إلى المجتمع كله فى الخارج، لذلك هو يعتقد أن تلك مهمته ومهمة قادة الجماعة فى هذه اللحظة التاريخية التى صارت فيها مقادير الأمور بيدهم.
لذلك يرتبك الرئيس وجماعته وحزبه حين يجدون الممانعة قوية إلى هذا الحد، هذا أمر لم يعتادوه وهم أصحاب قرار، تعودوا أن يحركوا جماهير لدعم ما تعرف وما لا تعرف، ولتأييد قرارات لم تصدر بعد، تجربة الرئيس حين كان ترسا فى ماكينة الجماعة قائمة على السمع والطاعة، هو بنفسه كان يتلقى التكليفات دون جدل، وينقلها دون جدل، ونادرا ما كان يواجه معوقات فى نقل الأوامر، أو يجد صعوبة أو يبذل جهدا غير عادى فى شرح الأمور.
الممانعة تربك الرئيس وجماعته، لم يحفظ هؤلاء يوما لمعارض داخل التنظيم حقه فى البقاء داخله، قاوموا الممانعة بالاستئصال المباشر، أو بالتضييق ودفع المعارضين إلى الهجرة، واليوم حين اتسع نطاق الحكم من إدارة جماعة إلى إدارة الوطن، مازال ذات المنهج قائما، السعى لاستئصال كل معارض أو منتقد أو ممانع، حتى لو كان هذا الاستئصال سيضرب مؤسسة كالقضاء، أو يعصف بحرية الإعلام.
يريد الرئيس والذين معه أن يجعلوا الوطن مثل الجماعة، لا أن يجعلوا الجماعة مثل الوطن، هذا هو المشروع، ولبلوغه مطلوب كسر محاور الممانعة بالاستئصال أو التشويه أو التسفيه أو التخوين، بمدح الشخص حين يقول نعم، وذمه حين يتجرأ ويقول لا.
وحتى يحدث ذلك مطلوب أن يتحكم فى مفاصل مؤسسة العدالة قضاة السمع والطاعة، هنا يتحول القضاء إلى شعبة من شعب الإخوان، ويفعل القضاة ما يؤمرون، ومطلوب أن ينكسر الإعلام، إما بملاحقات قضائية، أو بضغوط مادية وسياسية، أو حتى بتشويه صارخ يتناقض مع كل ما فعله هذا الإعلام طوال سنوات سبقت الثورة من فضح للفساد والإفساد، وعرض لقضايا الجماعة بذاتها، لذلك تبقى محاولات السيطرة على الإعلام عبر إعلاميى السمع والطاعة والمؤلفة قلوبهم هو الحل، لكسر محور مناوئة صعب.
استئصال المعارضين عقيدة لدى الجماعة، لأن الوطن بات فى ذهنية من يحكمه مثل التنظيم، يسرى عليه ما يسرى من لوائح وقوانين داخل التنظيم، والتجارب فى ذلك كثيرة جدا، والقضاء ليس معارضا لكنه أيضا ليس مواليا، والاثنان يستويان لدى جماعة لا تريد سوى من يقول: «سمعا وطاعة»..!