أهمية وجود المعارضة الوطنية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:51 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهمية وجود المعارضة الوطنية

نشر فى : الإثنين 22 أبريل 2019 - 10:30 م | آخر تحديث : الإثنين 22 أبريل 2019 - 10:30 م

حينما جرى التصويت على التعديلات الدستورية فى مجلس النواب، فإن كفة المؤيدين كانت كاسحة «٥٣٤ صوتا مقابل ٢٢ صوتا معارضا فقط»، وامتناع نائبة واحدة عن التصويت.

وحينما بدأت عملية الاستفتاء داخل وخارج مصر، فإن ظهور المؤيدين كان هو الأعلى صوتا والأكثر بروزا.

رأينا لافتات ضخمة فى الشوارع فى القاهرة الكبرى والمحافظات من فئات مختلفة تدعو إلى «عمل الصح» أى التصويت بنعم، مقابل اختفاء كامل لأى لافتات تحض المعارضين على الاستفتاء. ثم إن حجم التأييد للتعديلات كان أكثر وضوحا أمام لجان الانتخابات، وقد رأيت ذلك بنفسى أمام أكثر من لجنة انتخابية فى القاهرة والجيزة.
لماذا غابت المعارضة: هل لضعف منها، أم لتضييق من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة؟!

اسأل هذا السؤال، وانشره اليوم، بعد نهاية الاستفتاء، حتى لا يبدو الأمر وكأنه دعوة لترجيح رأى على اخر.

والاجابة هى ان المعارضة لم تكن موجودة، فى هذا الاستحقاق الانتخابى او غيره لأكثر من سبب، أولها أنها معارضة ضعيفة ومهلهلة وكرتونية وأنبوبية، ورضيت بهذا الحال منذ سنوات طويلة، والنتيجة أنها بلا تأثير شعبى حقيقى.

قادتها ارتضوا بأن يمارسوا أدوارهم من داخل المقارات، وعبر أجهزة الإعلام المختلفة، بل رأينا أمرا غريبا أنهم يتسابقون فى تأييد بعض القرارات الحكومية أكثر من الحكومة نفسها!

لكن هل ضعف المعارضة يعود إلى هذا السبب فقط؟!

الإجابة الموضوعية والعادلة هى أننا نظلم المعارضة كثيرا إذا أرجعنا السبب فقط إلى ضعفها وتهافتها!

أحد الأسباب المهمة لهذا الضعف هو التضييق الحكومى المستمر عليها، مما جعلها تصاب بالهزال والضمور والشلل والتيبس، وبالتالى، لم يعد الشارع يشعر بوجودها، بل صار يتعامل معها بصورة هزلية كوميدية.

وبغض النظر عن سبب ضعف المعارضة، فإن نتيجة غيابها فى منتهى الخطورة وبالتالى يصبح السؤال: من المستفيد الأكبر من ضعف وغياب المعارضة؟!

للوهلة الأولى يعتقد الكثيرون أنها الحكومة، لكن مع بعض التفكير الهادئ والمتروى والمتعقل سوف نكتشف جميعا أن الحكومة ــ ومعها كل المجتمع تقريبا هى المتضرر الأكبر من هذا الغياب.

وقبل الاسترسال فى هذه الفكرة، أسارع فأقول إن ما أقصده بالمعارضة هى تلك المعارضة الوطنية، التى تؤمن بالقانون والدستور، وتعارض من داخل البلاد، وليس عبر أجهزة المخابرات الخارجية سواء كانت أجهزة عربية أو إقليمية أو دولية.

كنت أتمنى أن تكون الحكومة أكثر تعقلا وتتحلى ببعد النظر، وتسمح بهامش من حرية الرأى والتعبير عموما وخلال عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية خصوصا، علما بأن هذا الهامش، لم يكن يؤثر بالمرة على النتيجة التى نعلم جميعا أن المصريين يصوتون بنعم فى كل الاستفتاءات، سواء اثناء حكم انور السادات أو حسنى مبارك أو المجلس العسكرى أو الإخوان.

فى اليوم الأول للتصويت، رأيت صورة للسياسى الناصرى حمدين صباحى على صفحته على الفيسبوك وهو يمسك بورقة اقتراعه داخل اللجنة، مظهرا تصويته بـ«لا» للتعديلات.

قد تغضب هذه الصورة بعض مؤيدى الحكومة، لكن الحقيقة أنها أفضل دعاية للحكومة، فهى ترهن على ان هناك هامشا من حرية الرأى والتعبير، تسمح لمعارض بارز بقول لا علنا، من دون ان يمسه اذى.

هذه الصورة تغنى عن دعاية بملايين الجنيهات ومئات المقالات والصور عن وجود الرأى الآخر.

لماذا أكتب عن هذا الموضوع؟!

ببساطة لأن مصر والحكومة والمجتمع بأكمله يحتاجون مساحة أكبر من هامش الحرية، حتى يتم التنفيس عن المشاكل والهموم الموجودة فى المجتمع.

استمرار غياب المعارضة الوطنية بهذه الصورة، سيؤثر كثيرا على الدولة بكل مكوناتها، ولن يستفيد منه إلا طيور الظلام المستعدون ومن يدعمهم للانقضاض على البلد بأكمله فى أى لحظة.

أعجبنى كثيرا دفاع الدكتور على عبدالعال فى مجلس النواب عن اعضاء تكتل ٢٥/٣٠، خلال معارضتهم للتعديلات تحت القبة، ومنهم احمد الطنطاوى وضياء الدين داوود وهيثم الحريرى. عبدالعال قال فى اكثر من مرة ان ما يحدث تحت قبة البرلمان معارضة وطنية لها كل التقدير وينبغى احترامها.

ما فعله عبدالعال ومجلس النواب عموما خلال جلسات الحوار المجتمعى كان ممتازا، رغم أن هامش التعبير عن هذا الرأى كان قليلا فى وسائل الاعلام.

نحتاج إلى شيوع وانتشار هذه الثقافة حتى نتجنب ما يحدث من حولنا فى المنطقة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي