«اليزل لم يزل» - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:19 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

«اليزل لم يزل»

نشر فى : الإثنين 22 أغسطس 2011 - 8:03 ص | آخر تحديث : الإثنين 22 أغسطس 2011 - 8:03 ص

 ظل النظام السابق يتعامل مع إسرائيل باعتبارها أسدا أو وحشا، حسب تعبيرين دارجين لمبارك نفسه فى وصف الدولة العبرية، وصدر طوال الثلاثين عاما التى قضاها فى الحكم هذا الإحساس إلى قطاع واسع من النخبة والشارع على السواء، وصار الخطاب المصدر إلى الجماهير أن أى استفزاز أو مناوأة ولو لفظية مع تل أبيب تعنى الحرب، وقطعا لا أحد يدعو للحرب ما لم تفرض، ولا يملك أى مصرى رفاهية أن يدعو كل يوم لشن حرب لأى سبب هنا أو هناك، لكن اختزال فكرة المواجهة مع إسرائيل فى الحرب، كان وليد إحساس مهزوم ونظرة مضخمة لهذا الكيان، وفى الوقت نفسه تحصين للسلوك الرسمى المتخاذل فى مواجهتها وتحويله من تواطؤ وتخاذل إلى حكمة، فالرجل يرفض الرد على قتل جندى على الحدود، حتى يجنب المنطقة شبح الحرب.

لكن متغيرات كثيرة حدثت غيرت هذا المفهوم تماما على الأقل فى ذهنية الرأى العام، الذى شاهد دولة مثل تركيا الأردوغانية، تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل، ولا تقيدها هذه العلاقات فى اتخاذ مواقف حاسمة ضدها من سحب السفراء، إلى إجبارها على الاعتذار، وحتى وصف أعمالها الإجرامية بأوصافها المستحقة.

ليس معنى أن يطالب هذا الشعب بحقه بعد اعتداء إسرائيلى جبان على جنوده أنه يطلب الحرب ويسعى إليها، ليس معنى أن يدعو لطرد السفير أو حتى قطع العلاقات الدبلوماسية أو تجميدها، أو رهنها بالاعتذار الواضح والصريح وتقديم المسئولين عن هذا الاعتداء لمحاكمة رادعة تضمن على الأقل عدم تكرار هذا الحادث، أن حربا ستقوم لأن مصر طردت السفير أو حتى علقت العمل بكامب ديفيد لأن إسرائيل خرقتها بوضوح.

لكن مبارك غادر القصر، والمفترض أن تكون قد غادرت معه مفاهيمه وقيمه وأنماط تفكيره وانحيازه، وأولها فكرة اختزال أى مواجهة أو مناوأة أو مشاكسة مع إسرائيل بأنها تعنى الحرب أو تمهد لها، لكن هذه الذهنية مازالت تطغى على نخبة بعضها فى دوائر صنع القرار، وتفسر لك الارتباك الرسمى فى التعاطى مع الأحداث، كما تفسر لك أن خبيرا «إستراتيجيا» مثل السيد سامح سيف اليزل، خرج مباشرة ليهدد بأن إسرائيل تريد أن تستغل الفرصة لإعادة احتلال سيناء أو على الأقل شريط حدودى بعمق 6 كيلومترات لتأمين حدودها، ويتحدث عن أن النيران التى قتلت إخوتنا هى نيران صديقة وغير مقصودة.

«اليزل لم يزل» على ما يبدو يعيش فى عصر مبارك، ويتعاطى مع الملف بذات الطريقة التى كان يتعاطى بها فى عهد مبارك، متوائما ذهنية مبارك المرتعشة، التى تتحسب من غضب «الأسد» أكثر مما تثق فى قدرات شعبها وجيشها، لذلك فهو مثله مثل مبارك كان يفضل أن نصمت على القتل على الأقل حتى نضمن ألا تعيد إسرائيل احتلال سيناء.

إلى كل شخص «لم يزل» يعيش فى عهد مبارك.. عفوا الشعب صار الحاكم، وهو اليوم يعيد ضبط المعادلة على الأقل حتى نضمن أن تبقى إسرائيل ملتزمة حدودها، وأن ينتهى الزمن الذى كانت لا تدفع فيه ثمن أخطائها، فحرروا عقولكم من خوف مبارك وأساطير مبارك، لأنها وهم من العار أن «يزل» يردد حتى الآن..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات