بلد على كف (إضراب) - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:16 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

بلد على كف (إضراب)

نشر فى : الخميس 22 سبتمبر 2011 - 10:30 ص | آخر تحديث : الخميس 22 سبتمبر 2011 - 10:30 ص

لا يمكن أن تنظر إلى موجات الاعتصامات والإضرابات التى تتزايد فى كل ربوع مصر، دون أن تربطها بالأداء السياسى لحكومة شرف، لا تكتفى فقط بالنظرة التى حاولت الحكومة تصديرها حول هذه الأزمات باعتباره تعبر عن مطالب فئوية لأصحابها أخطأت التوقيت، وتشكل ضغطا على الدولة فى مرحلة بالغة الحساسية من تاريخها.

 

لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تستسلم للرؤية الرسمية التى تستهل «وصم الاحتجاجات» وكأنها أنانية من أصحاب كل مهنة، تسعى لحل مشاكلها على حساب الوطن، فكيف يمكن أن تعتبر قضايا الأطباء مجرد «مطالب فئوية» أليست مصلحتك أن يكون لديك طبيب على قدر معتبر من التعليم والتدريب والكفاية، وأن ينعكس كل ذلك على الخدمات الطبية التى تتلقاها فى النهاية، هل تعرف أن الطبيب إذا حصل على أجر عادل فى مستشفى حكومى، لن يدور على المراكز والعيادات ليعمل 18 ساعة يوميا ثم يأتيك فى الصباح وهو مرهق فيضطر أن يهملك، أو أن يتاجر بك فيمنحك عنوان عيادته، أو يبيعك للمستشفى الخاص الذى يعمل به.

 

كذلك الحال مع «المعلمين» لا تعتقد أن قضيتهم مجرد مطالب فئوية، لا علاقة لك كمجتمع بها، على العكس من ذلك فهؤلاء الذين يبحثون عن كرامة المعلم وكفايته المادية يستعيدون لك بعض حقك الذى أهدرته الدولة خلال السنوات السابقة، ويحاولون إنقاذ مستقبل ابنى وابنك اللذين لن يحصلا على تعليم جيد من معلم مقهور ومديون ومشغول بلقمة عيشه، ومضطر للتعامل مع رسالته بمنطق تجارى، يجعله يدور على المنازل، فتتحمل أنت كل الفاتورة سواء فاتورة تردى المستوى التعليمى فى المدارس بسبب إحباط المعلم وانكساره، وانشغاله طوال الليل بلقمة عيشه، من لم يستغل طلابه فى دروس خصوصية، تجده على تاكسى أو بائع فى محل تجارى.

 

من حقك أن يكون لديك خدمة صحية جيدة تليق بك، وخدمات تعليمية تطمئن منها على مستقبل أبنائك، وخدمات نقل عام آدمية، تحترمك وتحترم المجتمع والقانون ولا تمثل عبئا على ميزانيتك، وأستاذ جامعة يملك من الموارد ما يسمح له بالتفرغ لرسالة تعليمية وبحثية تنهض بالمجتمع.

 

هؤلاء إذن الذين يناضلون لتحسين أوضاعهم، يملكون رؤية لتحسين أوضاعك أنت، لأن أى مكسب سيحصلون عليه لا شك سينعكس عليك، لكن كل ذلك مرهون بأن يكون لديك حكومة قادرة على أن تخلق من هذه المطالب رؤية حقيقية للنهضة تربط تحسين الدخول بتحسين الجودة وتسير فى المسارين، عبر مراجعة أولويات إنفاقها، وإعادة هيكلة القطاعات المختلفة بما ينعكس على العاملين فيها، ويعيد كل مؤسسة من مؤسسات الدولة لوظيفتها الأساسية التى تخدم المجتمع بكفاءة وجودة.

 

ستقول إن توقيت هذه المطالب صعب، ربما لكن الأمر فى النهاية يحتاج إلى أداء سياسى تفتقره حكومات مصر المتعاقبة حتى حكومة شرف تتخذ ذات سياسات «الطناش» التى اتخذتها سابقاتها، راجع أداء وزير التعليم وتعامله مع إضراب المعلمين مرة بالتقليل من شأن المضربين على طريقة «القلة المندسة» ومرة بادعاء أنه لا أحد فى المضربين يملك شرعية للتفاوض معه، على طريقة «من أنتم؟».

 

هذه حكومة تفتقر الخيال السياسى، كما أنها كسابقاتها تفتقر الرشد فى ترتيب أولويات الإنفاق، وتفتقر إرادة الحسم والإنجاز، فكما قلت لك سابقة أزمة كإقالة القيادات الجامعية كان يمكن حسمها قبل أشهر طويلة بكلمتين تضافا لقانون الجامعات، لكنها تدور فى حلقات مفرغة وتستهل وصم أنات الناس بـ «المطالب الفئوية»، وتنجح فى ذلك للأسف، لكن إياك أن تنظر لها كذلك، فلو شاهدت «جامعى القمامة» يطلبون تحسين أوضاعهم فاعلم أنك معنى بذلك بشكل أو بآخر.. ليس عيبا أن يكون فى بلادنا إضرابات لكن العيب ألا تكون لدينا حكومة..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات