الاكتئاب: مسمى يختلط كثيرا فى الأذهان وإن كان العلم يضع له معايير محددة واضحة تقود إلى تشخيصه كمرض لا يختلف عن أمراض معروفة لدى الإنسان مثل مرض السكر أو ارتفاع ضغط الدم. ينصب الاكتئاب شبكته الرهيفة الأقرب إلى شبكة خيوط العنكبوت ليقع فيها الإنسان غير مدرك أن أثرها يصل إلى كل خلية من خلاياه بداية من نسيج المخ إلى أطراف الأصابع.
لمرض الاكتئاب أعراض وتداعيات يجب ألا يخلط الإنسان بينها وبين المشاعر الاكتئابية التى تتزامن مع تقلب مزاج الإنسان أو عند تعرضه للصدمات العاطفية كفقد إنسان يحبه أو ضياع أمله فى مشروع حياته أو ربما تعرضه لموقف قاسٍ من مواقف الحياة المختلفة. المشاعر الاكتئابية تختلف حدتها وتأثيراتها لكنها تتبدد بتبدد الحدث ويمكن لطبيب النفس علاجها بوسائل بسيطة وربما اعتمد على العلاج المعرفى دون استخدام أدوية لمساعدة الإنسان فى التخلص منها.
الأمر الأهم فى تشخيص الاكتئاب هو الاجتهاد فى توصيف حالة الإنسان بعيدا عن أى مؤثرات أخرى قد تؤدى إلى تشخيص خاطئ يترتب عليه علاج خاطئ يزيد الأمر تعقيدا ويدخل الإنسان وطبيبه فى دائرة مفرغة من التداعيات التى بلا شك تطيل أمد المعاناة وتزيدها تعقيدا.
قد يصاب الإنسان بالاكتئاب نتيجة لإصابته بمرض عضوى مزمن وقد يصاب أيضا بمرض عضوى تبدو أعراضه شبيهة بالاكتئاب، الأمر الذى بالفعل معه يمكن الخلط بينهما لذا يجب على الطبيب أن يستثنى وجود تلك الأمراض بالاجتهاد فى استخدام وسائل التشخيص مع تنوعها لتأكيد التشخيص.
من الأمراض التى تعطى أعراضا تشابه الاكتئاب لكنها بالفعل لا تعبر عن وجوده:
< كسل الغدة الدرقية: تلك الغدة الصغيرة التى تقع فى مقدمة الرقبة وتلعب الهرمونات التى تفرزها دورا هاما فى وظائف الجسم المختلفة ويفيد العلم أن ستين بالمائة تقريبا من المصابين بكسل الغدة الدرقية لا يشعرون به ولا ينتبهون إليه. انخفاض نسبة إفراز هورمونات الغدة الدرقية يعرض الإنسان للكثير من اضطرابات الصحة النفسية مثل المشاعر الاكتئابية والقلق إلى جانب العديد من الأعراض الأخرى العضوية.
تلك الأعراض التى يمكن تشخيصها على أنها اكتئاب إذا ما جاءت مصحوبة بالإمساك وجفاف وتساقط الشعر أو بحة الصوت أو تيبس العضلات والشعور بالبرد دائما: نلفت النظر لضرورة إجراء قياس نسبة هورمونات الغدة الدرقية لأنها فى الغالب نتيجة لانحسارها وعلاجها يعيد الأمور إلى نصابها دون الحاجة لاستخدام مضادات الاكتئاب.
< فقر الدم والتعب المزمن: الأنيميا أحد الأسباب الهامة التى قد تؤثر فى أداء الإنسان وحالته المزاجية نتيجة لنقص الأكسجين الذى يحمله الدم لكل أعضاء الجسم ومنها الأعضاء بالغة الأهمية للحالة النفسية مثل الدماغ والعضلات أيضا لمناطق الحواس مثل العين والأذن. التعب المزمن متلازمة مجهدة للإنسان الذى يعانى من مستويات متدنية من الطاقة تشعره بالاكتئاب وإن كانت ليست سببا فيه. ما زالت غير معروفة الأسباب وإن كان ممن السهل توصيفها ويعانى منها الكثيرون.
< نقص فيتامين (د): يلعب فيتامين (د) أدوارا بالغة الأهمية فى بناء العظام وامتصاص الكالسيوم وضبط توازن معدن الفوسفات فى الجسم كما أنه عنصر هام مضاد للالتهاب وواق للخلايا العصبية ومنشط لجهاز المناعة لذا فإن نقصه يظهر فى صور متعددة منها الاكتئاب.
جراعات كافية من فيتامين (د) مع التعرض لأشعة الشمس تحدث أثرا سريعا لعلاج الاكتئاب العرضى الناشئ عن نقص فيتامين (د).
رغم الكم الهائل من المعلومات التى يوفرها العلم عن الاكتئاب إلا أن هناك العديد من الأسئلة بحاجة لإجابات شافية حول الاكتئاب كمرض أو كعرض إلا أن القراءة الصحيحة والمعلومات التى تتيحها مصادر علمية مؤتمنة تمنحنا فرصة جيدة للتمييز بين الأعراض وارتباطها بما يشير إلى أهمية التشخيص السليم لمرض العصر: الاكتئاب.