بمناسبة انعقاد مؤتمر المناخ فى بلادنا الحبيبة واعتكاف قادة العالم ومعهم الخبراء على إيجاد حلول للأمراض التى داهمت بيتنا المشترك من المهم أيضا أن ننظر إلى بيتنا الأفريقى المشترك والحالة المزرية التى وصلت إليها والعمل على تحقيق العدالة والمساواة بين كل بلاد العالم فى التحمل والتضامن من أجل بيتنا المشترك.
إن أزمة المناخ هى الواقع المعاش لسكان القارة الأفريقية جمعاء. إذ قد تسببت موجات الحر الصيفية فى شمال القارة فى خسائر وأضرار اجتماعية واقتصادية هائلة إذ نتذكر الحرائق الهائلة التى اشتعلت فى المغرب والجزائر وذلك على سبيل المثال وليس الحصر، وحطمت الأرقام القياسية لدرجات الحرارة وعطلت بشدة نظم الأغذية الزراعية فى منطقة تعانى أصلا من الجوع. وتسببت العواصف والأعاصير فى وقت مبكر من العام فى إحداث الدمار فى الجنوب الأفريقى، مما أدى إلى تدمير المنازل وخسائر فى الأرواح. ويواجه شرق أفريقيا أسوأ أزمة غذائية تحت وطأة الجفاف الشديد. وفى غرب أفريقيا، غمرت المياه المدن وغطت المجتمعات المحلية التى تعيش فى الجداول. أما الصراعات التى احتدمت لسنوات فها هى الآن تشتد بحدة بسبب النزوح الناجم عن المناخ. وأينما وجَهت نظرك إلى هذه القارة، وهى التى تكافح بالفعل بسبب نظام اقتصادى عالمى غير عادل، ستكتشف أن تغير المناخ يعيق إمكانات التنمية.
من الصعب معرفة الحلول لهذا الوضع المعقد. ومع ذلك، يمكننا أن نكون على يقين من بعض الأشياء. فعلى سبيل المثال، نحن نعلم أن بلاد الشمال ما بين أوروبا مسئولة إلى حد كبير عن أزمة المناخ ويجب أن تساهم بنصيبها العادل فى معالجتها وهذا يعنى أن تكون فى المقدمة فى خفض الانبعاثات، وتوفير التمويل للتكيف مع المناخ ومواجهة الخسائر والأضرار، ودعم بلدان الجنوب لتحقيق مستويات عادلة من التنمية داخل حدود الكوكب. إن الحلول الواعدة فى مؤتمر شرم الشيخ مثل الصالح العام، والعدالة بين الأجيال، ورعاية بيتنا المشترك، والخيار التفضيلى للفقراء. إذ يجب ألا تكون الحلول امتدادا لسيناريو بقاء الأمور على ما هى عليه فهو المسئول عن خلق المشكلة فى المقام الأول ولن يؤدى إلا إلى إثراء الدول الغنية والأفراد الأغنياء على حساب فقراء العالم.
لذا الحوار واللقاء كوسيلة لبناء عالم أكثر عدلا. وهو مصدر إلهام لحوارات المناخ الأفريقية وسلسلة من المحادثات والتعلم من بعضهم البعض وتحديد أولويات السياسة الرئيسية قبل مؤتمر COP27 فى مصر. وشملت هذه الحوارات ممثلين عن المجتمع المحلى والمجتمع المدنى الذين لديهم تجارب مُعاشة فى مجال تغير المناخ، وباحثين وخبراء قادة فى مجال السياسات، ومسئولين من جميع المستويات والقادة القادرين على وضع إطار للأسئلة الأخلاقية المُلحة التى يثيرها تغير المناخ من حيث عمل الله ومقتضيات العدالة.
لا شك أن تغير المناخ هو انتهاك أخلاقى صارخ. التى تيسِرها اللامبالاة القاسية والجشع الأنانى. فأزمة المناخ تؤدى إلى تدمير كوكبنا، وتدمير حياة الفقراء، وإلحاق الضرر بالأجيال القادمة. ونحن نطالب قادة العالم وقادة الأعمال وصناع القرار بالإصغاء إلى صرخة الفقراء وصرخة الأرض الأفريقية.
نتمنى لمؤتمر المناخ المنعقد على أرض بلادنا الحبيبة سيناء أن يكون مصدر عدالة ومساواة بين جميع دول العالم شمالا وجنوبا، الغنية والفقيرة، ولينجح فى إيجاد حلول جذرية وجدية لهذه القارة الحبيبة.
الأب / رفيق جريش