دراسة فى فرامنجهام لأمراض القلب تعد علامة فارقة فى تاريخ الطب فقد بدأت عام ١٩٤٨ فى مدينة فرامنجهام بولاية ماساتسوتس الأمريكية ومازالت قائمة ومستمرة حتى الآن، بدأت بدراسة أصول ٢٥٠٩ الصحية من سكان المدينة وهى الآن فى الجيل الثالث من أولئك المشاركين، الدراسة تبناها المعهد الوطنى للقلب والرئة والدم بالتعاون مع جامعة بوسطن.
قبل أن تبدأ فى الظهور نتائج دراسة فرامنجهام لم يكن العالم يعلم أى شىء عن تداعيات ارتفاع ضغط الدم أو أمراض تصلب الشرايين ولم تكن هناك فكرة واضحة عن العديد من المعلومات التى يحرص عليها الآن الإنسان العصرى، قبلها لم يعرف الإنسان على سبيل المثال علاقة الغذاء بالأمراض المزمنة أو أثر التمارين الرياضية على الدورة الدموية أو الأدوية الشائعة ودورها فى العلاج أو الوقاية مثل الأسبرين، وكان لها فضل تعريف العالم بمعنى كلمة كوليستيرول التى أصبحت الآن مفتاح المعرفة لأمراض شرايين القلب والعقل.
منذ بدأت تجربة فرامنجهام الفريدة وهى تمد العالم بمعلومات هى بلاشك كانت دائما حجر الزاوية فى كل بروتوكولات العلاج والوقاية من أمراض القلب والشرايين، بل أيضا كانت وراء تراجعات متعددة أو بمعنى أكثر دقة خطوات لتصحيح المسار أو تدارك الأمور فى ضوء معلومات أكثر دقة وتفاصيل تتضح بمرور الوقت وتراكم الخبرات.
هذا فى الواقع ما حدث بشأن «الكوليستيرول» فقد ظل الاعتقاد السائد أن المسئول الأول عن تكوين جلطات شرايين القلب التاجية وبالتالى يجب إلى جانب الأدوية التى تعمل على تخفيض قدره فى الدم أن يتوقف الإنسان تماما فى طعامه عن كل ما تتسبب فى ارتفاعه. ظل الأطباء ينصحون دائما بالابتعاد عن تناول أطعمة منها البيض والزبد ومنتجات الألبان واللحوم وغيرها حتى كشف العلم أخيرا أن الكبد يصنع دونما أى تدخل من الإنسان نسبة تصل إلى ثمانين بالمائة من إجمالى الكويستيرول فى الدم. وأن الطعام يمد الإنسان فقط بعشرين فى المائة من الكوليستيرول.
لذا راجع الأطباء توصياتهم وكان أن سمحوا بما ظلوا لفترة طويلة يمنعونه. أصبح من حق المريض أن يتناول البيض والزبد والجمبرى بقدر لا يسبب له الشعور بالحرمان بسبب الخوف من المرض.
هذا الشهر تأتى توصية جديدة من كلية الأطباء الملكية الأمريكية بإعادة النظر فى استخدام القسطرة وتثبيت الدعامات حتى أن الأطباء تصوروا أنهم أصحاب اليد العليا على الجراحين فتراجعت أعداد عمليات القلب المفتوح لاستبدال الشرايين لتحل محلها تقنية تثبيت الدعامات. بالطبع تطورت صناعة الدعامات حتى أصبحت صناعة ضخمة تجنى من ورائها الشركات الثروات الضخمة.
دراسة عالمية موسعة تم إجراؤها وساهمت فيها الكثير من بلاد العالم ومنها مصر أطلق عليها ischemia.
جاءت لتأكد أنه ليس هناك أى أفضلية لاستخدام الدعامات على العلاج بالأدوية فى حالة أمراض القلب المستقرة والتى لا يعانى فيها المريض من آلام الصدر أو ما يطلق عليه الذبحة الصدرية غير المستقرة.
نستمد تلك الدراسة العلمية مصداقيتها من عدد المرضى الهائل الذى شارك فى الدراسة. ومن أسلوب للبحث دقيق غطى مراكز علمية وطبية متعددة.
الواقع أن تلك الدراسة تأتى فى موعدها تماما فقد كان الأمر محل نقاش دائما بين أطباء القلب فى مصر والذى كان منهم من يرى أن هناك الكثير من المبالغة وسوء استخدام لتلك التقنية الباهرة إذا ما تم استخدامها فقط حين الحاجة إليها.
لكن الواقع أنها تحولت إلى تجارة رابحة للمشاركين فيها يجنيها أصحاب الصناعة ويدفعها صاغرا إما المريض أو الدولة خلال قرارات العلاج على نفقة الدولة.
جاءت تلك الدراسة المهمة بدعوة لترشيد استخدام دعامات الشرايين التاجية وأظنها إن شاء الله تلقى قبولا ودعما من الأطباء أصحاب الرسالة والمراكز العلمية والطبية فى مصر التى تنتهج العلم وتتبعه طريقا.