أعدت هذا الأسبوع قراءة عدة مقالات للكاتبة الأمريكية المعروفة «إميلى أوستر» والتى تعد كتبها الأكثر مبيعا فى الولايات المتحدة. ما يستحق التأمل أنها تعمل أستاذا للاقتصاد بجامعة شيكاغو إلا أنها لا تكتب فى الموضوعات الاقتصادية إنما اختارت أن تكتب فى شئون المرأة الصحية والنفسية.
توقعى الأفضل: لماذا يجب إعادة النظر فى كل معلوماتك عن الحمل وماذا تحتاجين بالفعل معرفته. الواقع أن هناك مفارقة طريفة فى العنوان والمضمون لذا يجب أن نقرأ الموضوع الذى اختارته «أوستر» فى سياقه اللغوى:
Expecting Better: why the Conventional Pregnancy wisdom is wrong ــ and what you really need to know.
لنا أن نفهم المضمون إذا ما راجعنا المقصود بكلمة Expect فهى لغويا تعنى فى صيغة الفعل أن يتوقع الإنسان شيئا سيحدث لكنها أيضا تعنى أن تحمل المرأة.
قضية أوستر فى كتابها كانت شرحا وافيا للتغيرات التى تحدث فى جسد المرأة أثناء الحمل وكيف تتوافق معها وتستعد لها.
الجديد فى الأمر والذى سجلته «إميلى أوستر» هو ما يتعلق بتجربتها الشخصية أثناء فترة حملها لابنتها البالغة من العمر الآن ثلاث سنوات.
هناك عدد من التناقضات رصدتها الكاتبة فى بحثها عن حقيقة تلك المسلمات التى يشهرها الأطباء فى وجه الحامل طوال فترة حملها مثل ممنوع القهوة نهائيا أو تجنبى كل أنواع الجبن الطرى ولا تقربى السوشى وأن العلاقة الزوجية الحميمة تعجل بمواعيد الولادة وأن التخدير النصفى يزيد من مدة الولادة وأن الحامل إذا تخطت الخامسة والثلاثين يجب أن تخضع لاختبارات إضافية.
فى أسلوب ساخر انتقدت «أوستر» كل تلك المسلمات بعد أن درست وراجعت العديد من الدراسات العلمية التى تعنى بتلك الموضوعات.
فيما يتعلق بالقهوة رصدت إميلى أن الإجهاض لا يحدث إلا عند تناول من ٦ ــ ٨ فناجين فاكتفت هى بثلاثة. أما عن ضرورة إجراء اختبار مؤلم لسائل الرحم وهو الاختبار المؤلم لها والذى قد يتسبب فى مخاطر للجنين فقد رصدت أنه من الأفضل أن يجرى الزوج والزوجة معا اختبارا وراثيا وقد وافقت جمعية النساء والتوليد الأمريكية على ذلك. أثبتت أيضا أن العلاقة الحميمة لا تعجل بموعد الولادة. أما عن التخدير النصفى فالواقع أنه بالفعل يزيد من فترة الولادة فى المتوسط خمس عشرة دقيقة. ما المانع إذن فى أن تمتد المعاناة لربع الساعة إذا كانت الآلام فيها أقل بكثير؟.
أما عن الجبن الطرى، من أنواع البرى الكامومسير الفرنسية الفاخرة والتى يمنعها الأطباء لاحتمال احتوائها على ميكروب الليستيريا (Listeria) فترى إميلى أوستر أنها استمتعت بها كثيرا خلال فترة حملها بعد تأكدها من أنها قد صنعت من ألبان بعد بسترتها.
حينما كتبت توصى الآخرين تشددت، وحينما كان الأمر متعلقا بها بحثت واجتهدت حتى تحتفظ لصباحاتها بنكهة القهوة ولمسائها بالجبن الفرنسى الذى تعشقه ولأوان ولادتها بالتخدير المقاوم للألم. إنها المرأة سواء كانت أستاذ اقتصاد أو مجرد ملامح جميلة ورداء أنيق.