«نظرية كل شىء» أحد أفلام الدراما الذى أحرص من وقت لآخر على مشاهدته أو ربما متابعة جزء منه خاصة تلك المشاهد التى يتوقف عندها الإنسان مشدوها منبهرا بتلك الروح المتحدية التى تشع طاقة من ذلك الكيان الهش المقيد إلى كرسى متحرك هو كل وسيلته للسعى على الأرض.
ستيفن هوكينج عبقرى علم الفيزياء البريطانى الأشهر توفى عن ستة وسبعين عاما، كان كل يوم منها قصة تروى وحكاية يتناقلها الناس فى إعجاب. حياة بطولها من الإعجاز وتحدى الإعاقة والقدرة على هزيمة الموت الذى حاصره وكان يتسلل بدأب وإصرار فى كل يوم ليمتص رحيق الحياة من أنسجة جسده ليحيله فى النهاية إلى كيان جاف يتواصل مع العالم حوله برجفة من عينه يترجمها الكمبيوتر!
تلقى الشاب اليافع صدمته الأولى عام ١٩٦٣ حينما تم تشخيصه على أنه حالة «تصلب ضمورى عضلى جانبى» ذلك المرض الذى يصيب الإنسان بالشلل التدريجى حتى ينهى تماما قدرته على الحركة وممارسة أى من تفاصيل الحياة اليومية التى يمارسها الإنسان بتلقائية ما دون جهد. بل وأقر الأطباء بأن حياته لا محالة منتهية خلال عامين لكنه أدهش العالم والأطباء ببقائه على قيد الحياة على الرغم من عجزه التام عن الحركة عقلا يتوهج وذهنا صافيا وفكرا عبقريا يتحدى الحياة ذاتها.
لم يتوقف لحظة عن التفكير بل جاءت أفكاره أحيانا صادمة للمجتمع العالمى حينما لم يستسلم لما أصابه من عجز جسدى فحلق عاليا بجناحين أمده بهما العلم. توالت نظريات له محكمة محكمة أجاب فيها عن أسئلة عديدة حيرت العالم والعلماء عن نشأة الكون وأصله وكنه الجاذبية الأرضية والنسبية العامة وفسر لغز الثقوب السوداء.
المدهش فى حياة هوكينج أنه تجاهل عجزه تماما فعلى المستوى الشخصى تزوج مرتين وله من الابناء ثلاثة ومن الأحفاد ثلاثة.. أيضا إلى جانب العديد من الكتب التى ألفها والمحاضرات التى ألقاها والجوائز التى حصدها فقد كانت له آراؤه الإنسانية ومواقفه القوية فى الكثير من القضايا الدولية العامة لحرب فيتنام ونشأة إسرائيل ومواقفها والاحتباس الحرارى والحرب البيولوجية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
قبل أن يودع العالم بأسبوعين أطلق هوكينج نبوءته الأخيرة بعد نهاية العالم التى يتوقعها فى عام ٢٦٠٠ ميلادية. يرى أن نجوم السماء ستنحسر عنها الطاقة فتظلم السماء وتتوهج الكرة الأرضية لتصبح كرة مشتعلة من النار التى لا تبقى ولا تذر.
أرسل عالم الطبيعة الأشهر رسالته الأخيرة للبشر طالبا منهم أن يبدءوا فى البحث عن كوكب آخر. فهل يَصْدُق حدسه؟
الله أعلم