خطورة دور المعلقين الرياضيين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:23 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطورة دور المعلقين الرياضيين

نشر فى : الأحد 23 يونيو 2019 - 9:50 م | آخر تحديث : الأحد 23 يونيو 2019 - 9:50 م

بما أننا نعيش بدءا من يوم الجمعة الماضى، وحتى يوم ١٩ يوليو المقبل، أجواء رياضية مع بداية بطولة الأمم الإفريقية التى تستضيفها مصر، فأتمنى أن يتحلى الإعلام المصرى عموما والرياضى خصوصا بأقصى درجات الموضوعية، وهو يعلق ويتناول ويكتب ويتحدث عن البطولة وعن الاخوة الأفارقة.

أكتب عن هذا الموضوع، بعد أن لفت صديق عزيز وخبير رياضى مرموق نظرى إلى الطريقة التى يتحدث ويتصرف بها الكثير من المعلقين والنقاد والكتاب والصحفيين الرياضيين، ورغم أنها تتم بحسن نية فى معظم الأحيان، إلا أنها تقود إلى أخطاء فادحة تتحول أحيانا إلى كوارث فادحة.

بعض المعلقين وهم يتحدثون عن مباراة مصر فى الافتتاح مع زيمبابوى مثلا أو غيرها يقولون إن الجمهور المصرى لن يرضى بغير الفوز.

طبيعى أن أى جمهور يريد فوز فريق ناديه أو بلده لكن ليس من حق أى جمهور أن يشترط فوز فريقه.. لو أن هذا صار حقا للجمهور، فسوف تنتهى أى مباراة بحرب دموية، طالما أن الجمهور يريد الفوز بأى طريقة. لا بد أن نعلم وندرب الجمهور على أن الفوز ليس أمرا روتينيا، سيتحقق بصورة آلية بل هو نتيجة شروط موضوعية لا بد من تواجدها لكى نفوز.

نحن نتحدث عن منافسات رياضية متحضرة. وبالتالى فالحق الوحيد للجمهور هو المشاهدة وتشجيع فريقه، حتى لو كان منهزما، طالما أنه يلعب بطريقة مشرفة.

هذا الكلام غير المنطقى من المعلقين هو السبب الجوهرى فى تطرف غالبية الجماهير، بل وتحولهم لوحوش كاسرة لا تؤمن إلا بالفوز، حتى لو كان غير مستحق. أصحاب هذه الثقافة سواء كانوا لاعبين أو مدربين، هم الذين يشاغبون ويعترضون على الحكام، ويفسدون المباريات، وبعدها نرى الجماهير تقلدهم!!

بالطبع هناك جماهير أكثر تحضرا، تشجع بصورة حضارية، بل وتشجع الفرق المنافسة، طالما أنها تلعب جيدا، وقد رأينا ذلك فى عديد المباريات الأوروبية، خصوصا فى دورى الأبطال.

يقول بعض النقاد أحيانا أيضا إن «الفريق حرق دمنا فى هذه المباراة». هذا قول غريب!!

إذا كانت أعصابك ضعيفة فلا تحضرالمباريات أو تشاهدها.

الفريق إما أنه يلعب بصورة جيدة أو لا. وأحيانا يلعب بصورة جيدة، لكن الفريق المنافس يلعب بطريقة أفضل، وبالتالى يستحق الفوز، ومن هنا فلا ينبغى أن نستخدم ألفاظا ومصطلحات كبيرة، بصورة خاطئة. البعض أيضا يتحدث عن الفريق أو اللاعب المحظوظ. هذا كلام غير علمى بالمرة. لا يوجد شىء اسمه الحظ، وإذا أصر البعض على المصطلح فهو حصيلة موهبة وجهد وتدريب مستمر، تجعل لاعبا يسجل هدفا من فرصة واحدة صعبة، وآخر غير موهوب لا يسجل من عشرين فرصة سهلة. وقد تكون موهوبا ولا تسجل، لأن هناك مدافعا أو حارسا فى الفريق المنافس أكثر موهبة واستعدادا.

العديد من نقادنا وكتابنا ومعلقينا الرياضيين يتحدثون أحيانا بصورة عنصرية عن الفرق الإفريقية. هذه بطولة أمم إفريقيا، ونحن دولة إفريقية، ونحن من مؤسسى منظمة الوحدة الإفريقية، التى تحولت الآن إلى الاتحاد الإفريقى. وبالتالى، ينبغى أن نظهر بعض «الأخوة الإفريقية» وندرب أنفسنا على التسامح والتواضع.

لا يصح أيضا أن نتحول إلى عنصريين، ونطالب دائما بضرورة فوز الفرق العربية على الإفريقية. هذه ليست بطولة عربية، بل إفريقية تشارك فيها دول عربية.

علينا تذكر أن هناك الكثير من الأخوة الأفارقة يعرفون اللغة العربية، أو يقرأون ما يكتب وما يقال فى وسائل إعلامنا أو يتم ترجمتها لهم!! الرياضة يمكنها أن تكون وسيلة للتقارب بين الشعوب، وليست للتناحر والتباعد.

أتمنى أيضا أن يتحلى المعلقون الرياضيون بالهدوء ويتوقفوا عن المبالغة والصراخ والصويت «عمال على بطال». التعليق يفترض أن يكون هادئا وموضوعيا ومتزنا ويخاطب العقل، وليس العاطفة فقط. هى مباريات كروية، وليست معارك حربية. للأسف وصلنا إلى مرحلة، يضطر فيها البعض إلى إغلاق الصوت تماما والاكتفاء بالمشاهدة. أو البحث عن معلق أجنبى بلغة أخرى.

المعلق يخاطب الجماهير لمدة تزيد عن ساعة ونصف فى المباراة التى يتابعها الملايين. يمكنه إذا كان مثقفا وواعيا ومطلعا وملما بمعظم الموضوعات المثارة فى المجتمع أن يكون رسولا لنشر الوعى والمعرفة والتسامح وكل القيم المحترمة، وإذا كان العكس فإنه يتحول إلى ماكينة لنشر الجهل والتسطيح والتطرف.

هذه البطولة فرصة عظيمة أن نقدم للعالم ولإفريقيا مصر التى نحلم بها.. فهل نفعل ذلك؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي