اعتبره عمر البشير يا سيدى - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:16 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

اعتبره عمر البشير يا سيدى

نشر فى : الثلاثاء 23 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 يوليه 2013 - 8:00 ص

احتار جمهور من الحالمين بالفوز بجائزة «اليانصيب» فى تفسير رقم وحيد موجود على الورقة.. تسعة «9» أم ستة «6»؟ إذا قلبت الورقة فى اتجاه صارت تسعة وإذا قلبتها فى الاتجاه المعاكس صارت ستة. استبدت الحيرة بهم فاستعانوا برجل توسموا فيه الصلاح والتدين والاستقامة، فقال: إذا ربحت الورقة فهى تسعة «9»، وإذا خسرتها فهى ستة «6». 

●●●

فى العام 1989 كان فى السودان حكومة منتخبة وبرلمان ودستور اكتسبه السودانيون بعد ثورة حقيقية، انتفض السودانيون فى الشوارع ضد نظام جعفر نميرى حتى أسقطوه فى ثورة بدأت فى آواخر مارس وانتهت مطلع أبريل عام 1985، هرب نميرى إلى القاهرة، وترك البلاد فى عهدة الجيش بقيادة سوار الذهب، الذى تولى حكم البلاد لفترة مؤقتة لم تتجاوز عاما واحد، تم خلالها إنجاز دستور وإجراء انتخابات نزيهة أفرزت حكومة ديمقراطية برئاسة الصادق المهدى.

استمرت الحكومة المنتخبة فى السودان 3 سنوات، حتى تحرك ضباط فى الجيش السودانى فى 30 يونيو من العام 1989 بقيادة العميد عمر حسن البشير الذى كان قائدا للواء مشاة فى ذلك الوقت، وبتحريك خلفى من حسن الترابى منظر الحركة الإسلامية فى السودان وقائدها الأبرز، وانقلبوا على الحكومة المدنية الديمقراطية المنتخبة، واستولوا على السلطة وشكلوا مجلسا لقيادة ما سموه «الثورة» جمع فيه البشير شخصيا بين سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومنح لمجلس القيادة الذى ترأسه سلطات التشريع، اعتقل كل رموز السياسة فى ذلك الوقت وجمد نشاط الأحزاب السياسية وقيد الصحف، ثم انتهى بعد أعوام طويلة من حكم الانقلاب، الى تأسيس ديمقراطية «ديكورية» كتلك التى كانت فى زمن مبارك، سمحت له بالاستمرار فى الحكم لأكثر من 24 عاما لم يتخل فيها عن صفته العسكرية كقائد للجيش إلا فى السنوات الأخيرة.    

انقلب العسكر فى السودان وحكموا ومازالوا، لم يكن قرار الانقلاب قرار المؤسسة العسكرية، لكنه قرار بعض ضباطها، لم يكن هناك ظهير شعبى لهذا الانقلاب لا قبل حدوثه ولا بعده بأى شكل لافت، لكن مثقفين وكتابا مصريين كبارا رحبوا بهذا الانقلاب وأيدوه كما أيده نظام مبارك فى مستهل الأمر، بعض هؤلاء الكتاب الكبار محسوبون على التيار الإسلامى فى مصر والعالم العربى، تلقفوا ما جرى فى السودان بكثير من الترحيب والتأييد والترويج والاحتضان والدفاع، زمن حدوث الانقلاب وحتى وقتنا هذا.

هؤلاء الكتاب الكبار لم يبكوا لحظة على الديمقراطية السودانية التى وأدها الانقلاب العسكرى واستمر فى وأدها حتى وقتنا هذا، لم يضع عسكر السودان خارطة طريق سريعة لاستعادة الديمقراطية، لكنهم كرسوا لحكم شمولى جهادى متشدد دينيا، خاض الحروب الجهادية ومول الإرهاب وتلوثت كل ذرة فيه بجرائم الإبادة والتطهير العرقى فى جنوب السودان وغربه، وانتهى إلى تمزيق السودان إلى سودانيين على الأقل حتى الآن. 

●●●

اليوم أتعجب من كتاب إسلاميين كبار، لم يدخروا جهدا فى الترويج لنظام البشير والذود عنه ومازالوا، ولم يتعاملوا معه فى يوم من الأيام باعتباره نظاما انقلابيا ويحتفظون معه بكثير من الود والمصالح والصداقة والأفكار المشتركة، يتفننون فى وصف ما جرى فى مصر «فى 30 يونيو أيضا» بأنه انقلاب عسكرى مع كل الفوارق الظاهرة فى الشكل والجوهر، ويبكون على الديمقراطية المصرية بكاء المنتحبين.

كيف تبكى على ديمقراطية الشمال وقد شاركت بالكلمة والتأييد والترويج فى ذبح ديمقراطية الجنوب، كيف ترى الانقلاب فى مصر من وسط هذا الالتباس.. ولم تر يوما الانقلاب الواضح الصارخ فى السودان. 

إذا كنت غير مقتنع بعدلى منصور فلتعتبره عمر البشير يا سيدى.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات