هذا الصباح ــ صباح الجمعة ــ تأتى ثلاثة أخبار من ثلاثة مواقع مختلفة على سطح الكرة الأرضية أراها تنبئ عن واقع مختلف جديد يعيشه العالم فى مواجهة واقع فرضته جائحة عدوى كوفيد ١٩ منذ بداية تلك الكارثة العالمية التى ألمت بالإنسان بداية من مارس عام ٢٠٢٠. الخبر الأول يأتى من جدة بالعربية السعودية حيث أعلن وزير الصحة السعودى عن نجاح المنظومة السعودية فى توفير شبكة من الإجراءات والمرافق الصحية المحكمة لحجاج بيت الله الحرام هذا العام الذين أنهوا طواف الوداع بعد رمى الجمرات فى آخر أيام التشريق حتى إن المناسك قد تمت دون الإعلان عن حالة إصابة واحدة لعدوى كوفيد ١٩ أو أى إصابة بأى مرض معد آخر.
الخبر الثانى يجىء من طوكيو اليابان حيث تبدأ مراسم افتتاح الدورة الأوليمبية التى سبق تأجيلها فى مارس الماضى ٢٠٢٠ إثر اجتياح عدوى كوفيد ١٩ للعالم. الألعاب الأوليمبية التى يفتتحها إمبراطور اليابان بذاته يتبارى فيها أحد عشر ألفا وثلاثمائة رياضى من مائتين وسبع دول مختلفة من شتى أنحاء العالم تبدأ اليوم فى ملابسات لم يحدث أن اتخذت من قبل فى أى دورة سابقة من الاحترازات الوقائية والشروط الصحية وألوان الوقاية الملزمة التى تقف بالمرصاد لكل احتمالات انتقال العدوى وانتشارها.
أما الخبر الثالث فقد أعلن عن نفسه من مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالى فى مصر المحروسة: نجاح ساحق لحفل المغنى المصرى تامر حسنى الذى اجتمع لحضوره الالاف من معجبيه بمسرح العلمين والذين من فرط حماسهم للحدث وما ضمه من فعاليات استعراضية مبهرة أظهروا كل ما يعبر عن فرحهم بانتهاء زمن الخطر وعودة كل مظاهر الحياة الطبيعية إلى أرض الكنانة وساحلها الشمالى.
للمرة الأولى فى تاريخ الإنسانية يتم المسلمون شعائر الحج الذى يأتيه الناس من كل فج عميق تحت سيطرة منظومة طبية صحية أحكمت طرفى دائرة الوقاية السليمة حول البشر فضمنت لهم السلامة وأمنت لهم حجا مبرورا بلا أى تهديدات من غدر كوفيد ١٩ أو غيره من الفيروسات فانتهى الحج فى سلام ولقى وجه ربه ستة من الحجيج بسبب الإنهاك الحرارى.
فى طوكيو يتم افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية بلا مشجعين أو متفرجين تحت إجراءات احترازية صحية لا مثيل لها. كان على كل الرياضيين أن يلوحوا للمتابعين على شاشات التليفزيونات حيث بدا الاستاد المهيب الحديث فارغا من الجمهور تماما. وكان على الرياضيين أن يرتدوا الكمامات فى كل الأوقات عدا الأكل والنوم وأوقات التنافس وأداء أنواع الرياضات المختلفة وأن يخضعوا لاختبارات يومية للتأكد من سلامتهم مع توجيههم لانتفاء الغرض من اللقاءات الاجتماعية والحرص على التباعد بين الزملاء.
أما فى العلمين فقد اجتمع الالاف حول المغنى تامر حسنى يحتفلون بالحياة والصيف الذى أشعل الحماس فى قلوبهم فقرروا الانطلاق متخطين كل الحدود معلنين عودة الحياة الطبيعية الصاخبة لعالم الساحل الشمالى والتحرر من أسر الكورونا إلى غير رجعة.
أرصد اليوم تلك الأحداث ولا أعلق عليها حتى لا أتهم بما لا أسعى إليه أو أقصده.
أرصد اليوم واحتفظ بما أكتب فقد يأتى بعدى من يمكنه عن علم أن يحلل تلك الظاهرة المصرية الخالصة فى ظل أمانة تاريخية ودراية بأصول علم النفس الاجتماعى للشعوب.
لكننى بإخلاص ودراية أدعو اليوم لإنشاء مؤسسة مستقلة للطب الوقائى ومكافحة الأمراض المعدية يتولى أمرها مجموعة من المخلصين المؤهلين للعمل بين الناس سواء من المجتمع المدنى أو من العاملين بوزارة الصحة والتضامن الاجتماعى والإعلام والتعليم.
الفكرة لدى.. أدعو أى مسئول وطنى مؤهل لعرض ومناقشة التجارب المماثلة فى العالم الناجحة والفعالة. نحن بحاجة لإعادة ترتيب الأوراق فيما يتعلق بأمور الوقاية من الأمراض عامة خاصة المعدية والتى تنتشر كالنار فى الهشيم بين مواطنى بلاد يغيب فيها الوعى الصحى وتنحسر المعلومات عن طرق الوقاية والمقاومة منها.
اللهم قد بلغت.. اللهم فأشهد.