الفرصة الليبية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الفرصة الليبية

نشر فى : الثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 8:26 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 8:26 ص

 ربما تكون ليبيا الحرة هى أسرع أقطار الربيع العربى استقرارا، إذا صدقت النوايا قطعا بين شركاء النضال فى المعارضة، الفارق بين ما جرى فى ليبيا، وما حدث فى تونس ومصر، غير المواجهة المسلحة طبعا وموقف القوات المسلحة فى تونس ومصر عنه فى ليبيا، هو أن الثورة الليبية انطلقت جماهيرية شعبية وعفوية، لكن جرى تنظيمها ومأسستها وتشكيل مجلس واضح لقيادتها والتعبير عنها وعن مصالحها، والإشراف على معاركها السياسية والعسكرية على السواء.

 
أسقط الليبيون نظام القذافى العجيب جدا فى بنائه، فيما هم يمتلكون بالفعل نظاما بديلا، أو على الأقل إدارة مؤقتة خرجت من رحم الثورة ولديها إيمان بها، وانحياز لا شك ولا ريب فيه لأهدافها ومصالحها، وهى ميزة جوهرية وعميقة لا يقدرها إلا من يتابع الأحداث عن كثب فى مصر وتونس، ويدرك حجم الاستقطابات والتنازعات والارتباكات، وكذلك التداخل بين عناصر ثورية وعناصر منتمية للنظام الجديد، وعناصر مدعية ترقص على السلالم، كانت مع السابقين وصارت مع اللاحقين، وكل هؤلاء يتشاركون فى قيادة المرحلة الانتقالية أو على الأقل التأثير فى مساراتها وتعطيل مسيرتها أو جرفها بعيدا عن الأهداف الحقيقية للثورة.

الفارق الواضح بين ليبيا وغيرها، أن الثورة قامت ثم تسلمت السلطة أو هى فى الطريق الوشيك، لذلك ستمتلك إدارة هى جزء أصيل وقائد ميدانى وسياسى للثورة، وبالتالى تملك رؤية واضحة ومحددة لتحقيق الأهداف وبلوغ الطموح، لكن فى مصر وتونس قامت الثورة ثم جرى توكيل أطراف أخرى بإدارتها، وهى أطراف من رحم النظام القديم، وإن انحازت إلى الثورة إلا أن تأييدها لمطالبها يبقى منقوصا ومفتتا يؤمن ببعض مشروعها، ويستهجن البعض الآخر، يحقق أهدافها فى مناطق، ويعوق بلوغ طموحها فى مناطق أخرى، ينتقى من أهداف الثورة ما يسمح له بتأكيد انحيازه لها، فيما يتخذ من إجراءات وممارسات ما يسرب الشكوك لقلوب الثوار، ويعطى انطباعا بأن الثورة مازالت تحتاج إلى ثورة أخرى لاستعادتها من الخطف، أو على الأقل محاولة السيطرة على فورانها ووهجها، وضبط اتجاهها ربما فى اتجاه يستهدف إعادة إنتاج ذات النظام القديم بقدر من المحسنات الملموسة.

أسقط الليبيون إذن القذافى وحكومته فيما هم يملكون البديل الجاهز لتسلم الأمور فورا، مجلس انتقالى بقيادة واضحة وقدر واسع من التوافق، واعتراف دولى وسيطرة على أغلب السفارات المهمة، وعلى عقود النفط خاصة فى شرق البلاد، وعلاقات دولية ومحلية، يبقى لها رؤية إعادة بناء دولة تركها القذافى بلا شىء، لا دستور ولا قانون ولا مؤسسات، لذلك فالفرصة قائمة نحو استقرار سريع لليبيا يسبق غيره من أقطار الربيع العربى، إذا ما نجح المجلس الانتقالى أولا فى ضبط النفوذ الخارجى لمجموعة الناتو حتى لا يؤثر على بناء الدولة الوطنية، وإذا حافظ على وحدة مكوناته حتى لا يتفرقوا شيعا ويتنازعوا الغنائم العاجلة، ويعتقدوا أن رحيل القذافى هو النصر الخالص، فيما هو النصر السهل، وبناء الدولة الوطنية هو الأهم والأصعب..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات