نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى سبتمبر 2013 مقالا وخريطة ملونة لتقسيم الدول العربية ماعدا مصر. وقد هز هذا المقال وهذه الخريطة الرأى العام، خاصة العربى الذى رفض هذا الفكر الانقسامى للدول العربية. ووصف المقال فى هذا الوقت، بأنه مقال خيالى، رغم أن مراكز الأبحاث والمراقبين يرون ــ وإلى اليوم ــ أن العالم العربى يسير فى هذا الاتجاه. وقد جاء تصريح الجنرال الأمريكى أديرنو ــ منذ شهر تقريبا ــ على أن تقسيم العراق هو السبيل الوحيد لوقف نزيف الدم الطائفى هناك بعد فشل الحلول السلمية، وماينطبق على العراق اليوم سينطبق على سوريا، حيث إن الكبار ليست لهم رغبة حقيقية فى إنهاء الصراع، والذى يدفع الثمن هو للأسف المواطنون الذين يتشردون ويُهجَرَون ويَهجِرون ويُخطَفون ويُقتَلون والعالم مصاب باللامبالة. أما الأنظمة العربية فهى المسئولة الأولى لهذا التقسيم، لأنها بالفعل تكرس هذا التقسيم الطائفى وتؤججه، مثال على ذلك العراق، سنة / شيعة، وسوريا نفس الشىء، والمسيحيون مابين هذا وذاك، وكالعادة يدفعون الثمن غاليا، وذلك لأن الأنظمة تعلى من شأن الطائفية على حساب « الدولة » ومدنية الدولة والعيش المشترك والمواطنة، وتظل هذه المبادئ حبرا على ورق رخيص فى الدساتير، أما على أرض الواقع فكل طائفة تُكون جماعة مستقلة عن الأخرى ورافضة لها، وتريد أن تقصيها بأى ثمن وأية طريقة .
التاريخ يعلمنا، فقد انفصلت باكستان عن الهند بحجة إبعاد المسلمين عن الهندوس بعد أعمال عنف كبيرة، ولكن إلى اليوم المناوشات بين البلدين قائمة، وتمتلك كل منهما القنابل النووية، وتصدر كل منهما للأخرى الإرهاب والانفجارات والمؤامرات.
فهل كان الانقسام حلا؟ لا أظن، وهل انقسام الطوائف فى العالم العربى سيكون هو الحل لإراحة « دماغ الكبار»؟ لا أظن أيضا، ولكن تأكد أن الخريطة الملونة، وخبر انقسام الدول العربية إلى دويلات خبر صحيح.
الأب/ رفيق جريش