أخيرا أعلنت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد صباح يوم الأحد الماضى، أنه سيتم الانتهاء من تطعيم جميع العاملين بالحكومة ضد فيروس كورونا قبل بداية شهر أكتوبر المقبل.
فى نفس اليوم أعلن الدكتور السيد القصير وزير الزراعة أنه لن يتم السماح لأى موظف بدخول الوزارة، ما لم يحصل على التطعيم، وأن هناك تنسيقا بين وزارتى الصحة والزراعة لتوفير اللقاح للعاملين بالوزارة.
هذا الأمر تطور مهم جدا، وكان يفترض أن يتم من شهور طويلة، كما فعلت بعض دول المنطقة، لكن وكما يقولون، فأن يحدث متأخرا، أفضل من ألا يحدث أبدا. والحمد لله أن الشهور الماضية، كان الفيروس شبه خامل تماما فى مصر، رغم أنه شديد الشراسة ببعض الدول مثل الهند، بل وفى دول توسعت فى إعطاء اللقاحات مثل أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
على عهدة وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد أمس الإثنين، فإن هناك 10 ملايين مواطن سجلوا على موقع الوزارة، تلقى منهم 7 ملايين شخص اللقاح.
وليس خافيا على أحد أن هذه النسبة تعتبر قليلة نسبيا «أقل من 7%»، مقارنة بالعديد من الدول. لكن ليس من العدل الكامل أن نقارن أنفسنا بالدول المتقدمة جدا، التى تمكنت من تطعيم أكثر من ٧٠٪ من مواطنيها منذ شهور، أو بدول الخليج ذات الكثافة السكانية المنخفضة جدا، والموارد المالية الكثيرة جدا. لكن من العدل القول إن نسب التطعيم فى دول تعتبر قريبة منا اقتصاديا، أعلى منا بكثير.
لكن المفارقة الغريبة، والتى لا أجد لها تفسيرا علميا واضحا حتى الآن أن غالبية هذه الدول التى وصلت فيها عمليات التطعيم إلى نسبة عالية، لم تتمكن من تحقيق «مناعة القطيع»، كما روج لذلك العديد من خبراء الصحة الوقائية، وفى مقدمتهم الأمريكى أنتونى فاوتشى، ونقرأ الآن أن حتى من يحصل على اللقاح، يمكن أن يصاب به مرة أخرى، وكذلك ينقله لغيره.
نعود مرة أخرى إلى التوسع فى التطعيم داخل مصر، وأظن أن الخطوة التالية التى سنصل إليها قريبا جدا هى صدور تعليمات رسمية واضحة من مجلس الوزراء تحذو حذو ما قررته وزارة الزراعة، وهى منع دخول أى موظف حكومى ما لم يكن قد حصل على التطعيم بأى من اللقاحات المعتمدة فى مصر، وأمر قريب من هذا أعلنه المتحدث باسم الحكومة السفير نادر سعد مساء الأحد الماضى خلال مداخلته مع الإعلامى أحمد موسى على قناة «صدى البلد»، بأن التطعيم ضد كورونا سيكون إلزاميا لكل من هم فوق الـ 18 عاما بالمدارس والجامعات، وأن 1.5 مليون معلم سوف يتلقون اللقاح، وكذلك سيتم التنسيق بين وزارة الصحة، وبقية الوزارات لتلقى اللقاح.
بالطبع أيضا لم يكن ممكنا إعلان الحكومة ووزارة الصحة عن هذه الخطوة، ما لم نكن قد تمكنا من تأمين كمية كبيرة من اللقاحات.
من أفضل ما فعلته الحكومة المصرية هو التصنيع المحلى للقاح سينوفاك الصينى، وكذلك اتفاقات بين شركة مصرية وأخرى عالمية لتصنيع لقاحات أخرى مثل سبوتنيك الروسى.
صحيح أن نسبة المكون المحلى فى هذا التصنيع قد لا تكون كبيرة جدا، لكن مجرد أننا نصنعه فى مصر، بمواد خام، حتى لو كان معظمها مستوردا، فهو أمر فى منتهى الأهمية، ويعنى أننا قادرون على تأمين الكميات اللازمة لتطعيم جزء كبير من الشعب المصرى.
معنى وجود كميات ضخمة من اللقاحات بما يمكننا من تطعيم ٥٠٪ من الشعب المصرى قبل نهاية العام أى بنحو ١٠٠ مليون جرعة وربما 120 مليون جرعة، أنه يمكن مواجهة الموجات المتوقعة من انتشار فيروس كورونا والمتوقع أن تنشط بشدة فى مصر بعد أسابيع قليلة، وبالتالى فإذا تمكنت الحكومة من تنفيذ هذا التعهد، فإن المتوقع أيضا أن تقل نسبة الإصابات والوفيات، بل ستقل الأعراض بالنسبة للمصابين الجدد.
من المهم جدا أيضا أنه ستكون هناك أولوية لحصول المعلمين والعاملين فى وزارة التعليم والتعليم العالى وطلاب الجامعات على اللقاح، باعتبار أن هناك أكثر من ٢٥ مليون طالب فى المدارس والجامعات، وبالتالى فإن تأمين المدارس والجامعات لقاحيا، يعنى محاصرة الفيروس بنسبة كبيرة. وإذا حدث ذلك أى محاصرة الفيروس فى الوزارات والمدارس والجامعات، فأغلب الظن أننا يمكن وقتها أن نتفاءل بانخفاض نسبة الإصابات والوفيات عموما.