المناعة: التعبير الأكثر تداولا فى أيامنا الحالية لا يخلو منه مقال أو خبر أو إشارة. ويظل السؤال الأشهر على لسان الجميع: ما الذى يرفع القدرات المناعية وأى الفيتامينات أو مضادات الأكسدة أفضل للوقاية من عدوى كوفيد ــ ١٩.
الواقع أن الإجابة قد تصدم من يسألنى لكنها الحقيقة التى يقررها العلم: الإجابة عن السؤال تبدأ بتعريف معنى المناعة لندرك واقعا يجب التعامل معه فليس هناك على وجه التحديد دواء يرفع من مناعة الإنسان أو يصنعها فى الصحة والمرض. فقط هناك مكملات غذائية وفيتامينات وبروتينات تدعم عمل الأنسجة والخلايا والعمليات الحيوية المعقدة فى جسم الإنسان والمسئولة عن دفاعات الجسم المختلفة فى مواجهة الجراثيم والميكروبات، البكتيريا والفيروسات. جهاز المناعة لدى الإنسان يتوزع فى أنحاء جسده بالكامل: شبكة محكمة من الخلايا والأنسجة والأعضاء فى جسم الإنسان يكمّل عمل بعضها البعض فى توافق وتناغم هدفها الأول هو التعرف على كل الأجسام الغريبة الضارة التى تحاول اختراق جسد الإنسان والوصول إلى الدم والأنسجة محدثة الضرر والمرض. الجلد والرئة والقناة الهضمية لها خواصها الطبيعية التى تقاوم بها غزو الجراثيم والميكروبات. المواد السائلة التى يفرزها الجسم كالدموع واللعاب والأحماض أيضا لها دورها الفعال فى القضاء على الجراثيم والميكروبات.
كريات الدم البيضاء تقوم بالعبء الأكبر فى مقاومة البكتيريا والفيروسات متى نجحت فى الوصول إلى الدم فمنها الخلايا التى تهاجم بضراوة وتخصص مذهل فتلتهم الميكروبات. يفرز نخاع العظام الخلايا البيضاء ويشاركه الطحال. هناك أيضا الغدد والأوعية الليمفاوية التى تتوزع بحكمة بالغة فى أنسجة جسم الإنسان حتى أن الغدة الزعترية التى تقع أمام القصبة الهوائية تقوم بمراقبة وتصفية مكونات الدم وتشارك فى تحفيز وإنضاج الخلايا المعروفة بالتائية التى تعتبر جوهرة التاج فى منظومة المناعة.
يولد الإنسان بمناعة طبيعية فطرية وخلال حياته يظل جهازه المناعى يقظا لأى غزو ميكروبى الأمر الذى يكسبه خبرة متزايدة فى مواجهة العدوان بما يسمى المناعة المكتسبة. أما المناعة السلبية فتلك التى يتلقاها الإنسان سابقة التجهيز فى أنواع طبيعية مثل التى تصل للجنين عبر الحبل السرى من الأم أو فى لبن الرضاعة بعد الولادة.
يظل فى النهاية وسائل التحصين المختلفة من أمصال ولقاحات. إذن الأمر بالغ التعقيد تترتب فيه خطوات على خطوات أخرى وتتوالى فيه التفاعلات الحيوية بنظام بديع يصعب اختراقه، الأمر الذى معه بلا شك لا يمكن الاعتماد فيه على عنصر أو مجموعة عناصر من المكملات الغذائية أو مضادات الأكسدة أو الفيتامينات. إنما الأمر يحتاج إلى دعم جهاز المناعة بتهيئة جو صحى وبيئة صحية يمكن لتلك المنظومة أن تعمل فيها بكفاءة: كل نظام على حدة وكل عملية حيوية تلى الأخرى.
يحتاج الإنسان الفيتامينات ومضادات الأكسدة إذا ما عانى الإنسان بالفعل من مظاهر نقصانها وقد يحدث أثرها فعلا أكبر فى وجود أمراض مزمنة كالسكر وارتفاع الضغط خاصة لدى كبار السن. ويحسن دائما أن تستمد من مصادرها الطبيعية بدلا من الأقراص والكبسولات.
النوم لساعات كافية فى ظروف مريحة للجسم مع الغذاء الصحى المتوازن إلى جانب تروية الجسم بالماء مع ممارسة أحد ألوان النشاط البدنى بصورة مستمرة. تلك هى التذكرة الطبية التى تدعم بالفعل المناعة الطبيعية للإنسان فى مواجهة الغزو الفيروسى فى أيام الكرب.
هذا بالطبع إلى جانب الاحتياطات التى يتوجب علينا جميعا أن نلتزم بها ونلزم بها المجتمع حولنا فنحن جميعا فى مركب واحد معرض للخطر لن ينجو منا الملتزم إذا ما جاور آخر لا يعرف عن معنى المناعة إلا التوكل على الله دون حذر من عاقبة هى بالطبع من عند الله يختبر بها عباده.
دمتم سالمين