هل سنعلن الحرب على أمريكا؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل سنعلن الحرب على أمريكا؟

نشر فى : الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 9:49 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 9:49 ص

 لو أن المواطن المصرى يقرأ الصحف الحكومية فقط فسوف يتصور أن حكومتنا ستعلن الحرب الضروس على أمريكا فى أقرب فرصة، عقابا لها على «تطفلها» وتدخلها الفاضح فى شئونها الداخلية «التى لم يسبق لأحد أن تدخل فيها».

ويحتاج المرء ليكون ساذجا تماما وربما غبيا لأقصى درجة ليصدق «المندبة» التى أقامتها بعض الصحف الحكومية ضد بعض المطالبات الأمريكية بمراقبة دولية لانتخابات مجلس الشعب الاحد المقبل.. أو أن هناك خلافا حقيقيا بين حكومتنا والإدارة الأمريكية بشأن ملف الانتخابات أو أى ملف آخر.

يعلم الجميع أن إدارة أوباما اتخذت قرارا استراتيجيا فى المنطقة خلاصته أنها لن تخسر الحكام لصالح الشعوب. ليس ذلك فقط بل إن الدعم الأمريكى الموجه لمنظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان فى المنطقة قد تقلص كثيرا وأصبح يتم عبر مراقبة حكومية فى الداخل، بصورة جعلت بعض هذه المنظمات لا تخضع فقط لأهواء المانحين بل أيضا لسيف حكومتها المحلية.

كثيرون فى أمريكا ومعهم صهاينة اتهموا أوباما وإدارته بأنه يحابى العرب والمسلمين ويحارب إسرائيل، وأنه خان قضية الديمقراطية عندما انحاز للأنظمة المتكلسة على حساب آمال وأشواق التغيير.

أوباما انحاز لمصالح بلاده العليا وليس للحكام، وحاول تصحيح اثار السياسات الغبية لإدارة بوش.. صحيح أن لأوباما أحلاما وطموحات كبيرة لكنها اصطدمت بجدار صخرى يتمثل فى بقايا الأزمة الاقتصادية من نهايات عهد بوش، ثم التأثير الذى لم ينته للمحافظين الجدد وتيار حفل الشاى المتنامى، إضافة بالطبع لأنصار إسرائيل.

لسوء الحظ أن كثيرا من كتابنا يتناسون أن أكثر من مركز أبحاث غربى وأمريكى وصهيونى توصلوا إلى خلاصة استراتيجية مفادها أن أى انتخابات نزيهة فى المنطقة العربية ستأتى بقوى دينية وقومية متطرفة معادية لكل ما هو غربى وإسرائيلى، وبالتالى فإن المصلحة الغربية تتطلب قبول حكام حلفاء أقل ديمقراطية بديلا لحكومات وزعماء معادين حتى لو جاءوا عبر انتخابات نزبهة.

إذن ما الذى تغير فى المشهد بين أمريكا ومصر، حتى تحدث هذه المناحة؟!.

لا شىء سوى افتتاحيات صحف بعضها موالٍ فعلا لإسرائيل واخرى لمسئولين للاستهلاك المحلى أمام كونجرس يتجه نحو اليمين، وحتى مطالبات الخارجية الأمريكية بالمراقبة الدولية تراجعت قبل يومين لتقتصر على «المراقبة الداخلية القوية».

لم تكن لأمريكا يوما من الأيام مصلحة فى وجود انتخابات حرة فى مصر، بل إنها ربما كانت أحد الأسباب فى تعويق التطور الديمقراطى ثم إن أمريكا تنظر للمنطقة بعيون صهيونية.. والمؤكد أن إسرائيل لا تحب أن ترانا ديمقراطيين، لأننا سنتكمن وقتها فعلا من التصدى لها.
وإذا كانت إدارة بوش المتغطرسة ومعها اليمين المحافظ لم تتدخل فى عز جبروتها لتفرض الديمقراطية على أنظمة تصدت لها بقوة مثل طهران ودمشق بعد غزو العراق فهل يعقل أن إدارة أوباما البراجماتية ستضغط على حكومتنا ــ الحليفة ــ من أجل انتخابات حرة؟

فالقضية ليست فى واشنطن أو «مجموعة عمل مصر»، القضية أن يكون لدينا انتخابات نزيهة.. وقتها لن نعطى فرصة لأى شخص أو أى دولة أن «يتمنظر» علينا.. والخشية أن تكون كل هذه «الهيصة» ضد أمريكا، مقدمة لتزوير واسع فى انتخابات لن تغير شيئا من واقع مصر أو المنطقة.

ehussein@shorouknews.com

عماد الدين حسين  كاتب صحفي