** 14 ثانية هى زمن الهجمة المضادة التى شنها فريق برشلونة، وسجل منها هدفه الأول فى هجوم مضاد على أرسنال فى ملعبه. فالكرة خرجت من قدم بيكيه وهو فى منطقة جزاء برشلونة، إلى إنيستا، فى الناحية اليسرى، ومن إنيستا إلى نيمار قبل خط منتصف الملعب، ومن نيمار إلى سواريز، ومن سواريز إلى نيمار داخل منطقة جزاء أرسنال، ومن نيمار إلى ميسى..
** هذا الهدف يختصر الفارق بين كرتنا وكرتهم.. فكل الأسماء التى وردت فى الهدف، كان كل منها يمرر الكرة وينطلق فى «سبرنت» وقاطعا المسافة التى أمامه فى سرعة مذهلة، بمساندات فى التحركات، قدمت لنا عرضا فى كيفية صناعة المساحات فى مناطق الفريق المنافس.. ولن أتحدث عن المهارات المرعبة للثلاثى الشهير، سواريز، وميسى، ونيمار، ولكن بدون تلك السرعة وهذا التحرك لا توجد كرة قدم.. تلك لعبة لا يجوز فيها التثاؤب، ولا يجوز فيها إهدار الوقت بالجرى بالكرة.. والنتيجة النهائية هى أن أرسنال بقيادة أرسين فينجر عليه أن يرفع الراية البيضاء.. وقد كان محيرا جدا أن يتراجع ويدافع ثم يرد بهجوم مضاد وهو يلعب على ملعبه !
** وجه الشبه الوحيد بين مباراة الأهلى والمصرى ومباراة برشلونة وأرسنال هو أن «النيات» فى الأولى كانت مثل التنفيذ فى الثانية. ومبدئيا يحسب للمصرى ولمدربه حسام حسن اللعب بالطريقة والتكتيك السليم أمام الأهلى. فقد هاجم المصرى، وكررنا كثيرا أن الأدء الهجومى يتنوع، ومن أنواعه، الهجوم المضاد (فازت إيطاليا بكأس العالم بهذا الأسلوب). واعتمد المصرى على تنظيم خطوطه ولاعبيه، وتحييد مفاتيح الأهلى، واستغل اندفاع منافسه فهدد مرمى أحمد عادل عبدالمنعم، وخصوصا من الناحية اليمنى التى لعب فيها أحمد ياسر، والمصرى يلعب مبارياته الأخرى بأسلوب هجومى آخر، يقوم على التحرك الجماعى لخطوط الفريق بجانب التنظيم..
** الأهلى يفقد نصف قوته، حين يلعب الكرة الطويلة الضالة. والقوة أساسها التمرير وتبادل الكرة والتحرك (برشلونة تبادل الكرة ومررها امام أرسنال 723 مرة، بنسبة نجاح 88.5 % وهى من أفضل النسب هذا الموسم).. ووالواقع أن تعليق اختراق لاعبى المصرى لمنطقة جزاء الأهلى على الدفاع، هو تعليق تقليدى، فالوسط يتحمل المسئولية أيضا، سواء فى أداء الواجب الدفاعى أو الهجومى. ولم يتحسن الأداء إلا بعد إشراك حسام غالى وعبدالله السعيد فقد ترابطت خطوط الفريق المفككة وقد كان الأهلى يحتاج إلى التنظيم دفاعيا وهجوميا، وهو أمر يشمل كل الخطوط. لكن فى النهاية يظل بطل المباراة من الأهلى هو رمضان صبحى الذى اقتحم، واخترق، ولعب على الطرفين، وشكل قوة سحب لفريقه بقوته البدنية وإصراره وحماسه، بينما يظل إيفونا لغزا فى شعوره الصامت، والغريب حين سجل هدفه..
** وسائل استهلاك الوقت فى ملاعبنا تسير بنا إلى ما يسمى بـ «الاستموات »، فاللاعب يسقط كأنه ضرب برصاصة، ويتألم، ويتلوى، ويتعذب، ثم ينهض، جاريا، مسرعا، محلقا، كأن شيئا لم يكن. وبتلك الطريقة، تتجه ملاعبنا إلى تكرار قصة الذئب والغنم. ففى مرة قد يتعرض لاعب لإصابة خطيرة ويسمح الحكم باستمرار اللعب، حتى لو صاح زملاؤه جميعا إنه الذئب.. إنه الذئب ؟!