تعرضت هذا الأسبوع لأزمة «مرورية» حادة لا تختلف كثيرا عن الأزمات القلبية التى تداهم الإنسان حينما تضيق شرايينه فجأة وتقف الجلطة حجرا عثرة فى تيار الدم السارى. فى طريقى لحضور مؤتمر جمعية القلب السنوى المقام بأحد فنادق منطقة مطار القاهرة بقيت لساعتين كاملتين رهينة عربتى فقد كانت الاستعدادات على قدم وساق لتشريفة الرئيس فى طريقه لاستقبال جلالة ملك الأردن، أما تداعيات الأزمة فقد واتتنى فى طريق العودة إلى منزلى بطريق الاسكندرية الصحراوى، حيث كانت تشريفة أخرى من نوع خاص تنتظر سعادة سفير النوايا الحسنة لاعب الكرة الأشهر الأرجنتينى ميسى فى طريقه إلى فندق مينا هاوس لحضور الاحتفالية المقامة على شرف حضوره للقاهرة فى مهمة اختاروا لها عنوانا Tour and cure بلغتنا العامية اتفسح واتعالج!
الفسحة بالطبع فى تجاوز دعوة للسياحة وفى ذات الوقت اتعالج من فيروس «سى» فى بلادنا.
إذا بدأنا بالحقائق فأنا من أشد المعجبين بتجربتنا فى علاة عدوى وتداعيات فيروس سى المسبب لأحد أهم مشاكلنا الصحية ودور الدولة فيها أيضا دور صناعة الدواء المصرية التى اجتهدت لإنتاج أجيال متعاقبة من الأدوية وبروتوكولات العلاج حتى حققت نتائج ممتازة فى نسب الشفاء. رغم بعد تخصصى عن الموضوع إلا أنى من فرط حماسى للتجربة تدخلت للمساعدة بقدر استطاعتى على هامش العمل الكبير الذى قام به الجميع مع اللجنة القومية لمكافحة عدوى الفيروس، الحقيقة الثانية هى أننى أجهل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الأرض فيما يتعلق بالكرة وإن كنت أعرف ما يعرفه أمثالى من محدودى الثقافة الكروية لكن ذلك لم يمنعنى من التعرف على ملامح لاعب الكرة الأشهر فى لوحات الإعلانات الضخمة التى انتشرت فجأة خاصة على الطريق الدائرى والصحراوى، تعلن عن بشرى قدومه لبلادنا وتدعونا لمساندة حملته لعلاج فيروس «سى»!
كنت قد تعرفت على ملامحه الوسيمة من قبل إثر نشر صورته الشهيرة وهو يرتدى «اليمكا» تلك الطاقية الصغيرة التى يضعها اليهود على رؤسهم وقت الصلاة ومنهم من يضعها باستمرار مسندا رأسه فى لحظة تأمل إلى حائط المبكى.
لن أتطرق لتفاصيل الاحتفا وتكاليفه وما حدث خلاله ولا حتى سلوك النجم الذى اثار تساؤلات كثيرة فهذا فى الواقع ليس هدفى ولا شأن لى به.. إنما أسوق الحقيقة الثالثة وهى سؤال مهم أوجهه لأصحاب ذلك الشأن الذين لم يعلنوا عنه أنفسهم صراحة حتى الآن. ما العلاقة بين دعوة السيد ميسى ورسالة الترويج للسياحة العلاجية فى مصر؟
المعروف أن تركيبة فيروس الوراثية سى الذى يصيب المصريين مختلفة عن تركيبة فيروس سى الذى يصيب الأمريكيين والأوروبيين والعلاج أيضا بالضرورة يختلف. هل الدعوة للعلاج هى دعوة للمصريين للسياحة الداخلية والعلاج؟
الواقع أن الحديث دار بين الزملاء الأطباء عن أن هناك شركة مصرية قد اشترت حقوق إنتاج دواء جديد قد يصلح لعلاج كل السلالات من الفيروس وأن كل ما يحدث هو مقدمة للإعلان عنه. هل هذا صحيح؟ الله أعلم.
أتخيل أن تتكتم شركة لإنتاج العطور اسم وسر عطرها الجديد ولها أن تقدمه بأى صورة يتوافر لها كل عناصر التسويق والمفاجأة ولكنى أبدا لا أتخيل أن يحدث هذا للإعلان عن دواء لعلاج أحد أهم مشاكل الإنسان المصرى.
أرجو أن نسمع القصة الحقيقية وراء زيارة هداف الكرة الأرضية: ميسى لهذا أمر يهم الناس جميعا.
المحرر