شعب به هذه النماذج من أهالى الشهداء يستحيل أن يهزم أبدا أمام أى عدو.
وعلى امتداد أربع ساعات من العاشرة صباح الخميس حتى الثانية ظهرا بكى المئات كثيرا فى القاعة الرئيسية بمسرح الجلاء بالقوات المسلحة.
فى هذا اليوم كانت الندوة التثقيفية رقم ٢٥ التى تقيمها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة بعنوان «يوم الشهيد»، الذى نحتفل به تقديرا للفريق عبدالمنعم رياض أو «الجنرال الذهبى» الذى استشهد فى ٩ مارس ١٩٦٩ برصاص العدو الصهيونى على ضفة القناة.
يوم الخميس تحدثت أكثر من أم وزوجة بصورة عفوية، عقب تسلمها شهادة التكريم من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
والدة الشهيد محمد عزوز قالت: «كان راجل ومشرفنا». ووالدة الشهيد حازم أسامة قال «شرفتنا وإنت عايش وشرفتنا أكتر وأكتر وإنت شهيد». والدة الشهيد مقدم أحمد أبو النجا قالت: «تصبرنى سمعته الطيبة وجنازته كانت فوق الخيال، وأحمد الله أن شهادته ستأخذنا للجنة».
أما والدة الشهيد ميلاد سعد جورج فقالت إنها عندما طلبت منه أن يبقى قليلا بجوارهم، رد عليها قائلا: «لو معرفتش أحمى بلدى.. مش هعرف أحميكى». والدة الشهيد محمود أحمد فتحى قالت إن ابنها أخبرها أنه يريد الاستشهاد حتى تدخل هى الجنة، أما والده فقال إن ابنه قبل سفره آخر مرة، كتب فى صالة الشقة عبارة «الشهيد محمود أحمد». أما قصة الشهيد العقيد رامى حسنين فكانت مؤثرة جدا. والدته قالت: «كان يشعر أن ربنا مرتب له شيء وسيراه»، أما زوجته فقالت إنها طلبت منه أن يأخذ إجازة ليشهد ولادة طفلته، فرفض وقال: «دورى أهم فى سيناء مع زملائي». أما أحد زملائه فقال إن الشهيد قال له إنه ترك محفظته وورقة فى تابلوه السيارة ليعطيها لأسرته إذا لقى وجه ربه، ثم حضنه بشدة، وبعدها استشهد فى الكمين بعد أن دافع ببسالة عن كل زملائه. كما تحدث الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع عنه فقال إنه ظل جالسا فى كتيبته يومين زيادة، على الرغم من أنه كان يحتاج كل ثانية ليجلس مع أسرته.
من الكلمات المؤثرة أيضا ما قالته السيدة ياسمين مصطفى زوجة العقيد أحمد الدرديرى بطل كمين الرفاعى الذى استشهد فى ١يوليو ٢٠١٥، وكيف أنها والشهيد أولاد خالة وتربيا معا. تقول عنه بلغة صادقة: «أحمد كان لحظة من الجنة، وأنه كان يطلب الشهادة فى كل صلاة»، وعندما كانت تطلب منه أن يجلس قليلا مع أسرته وابنه عمر كان يقول لها: «العساكر اللى معايا أمانة فى رقبتى، هم أهم عندى الآن من أهلى»، وفى آخر إجازة له قال لهم: «أشعر أننى لن أعود ثانية، وأمانة تحفظى ابنى عمر القرآن لأنه سيجعله يفعل كل شيء صحيح فى الدنيا».
العميد طبيب المعتز محمد رشاد لم يشغل باله أين يخدم ابنه محمد أو أن ينقله لمكان أكثر أمنا. أصيب الابن بإصابة خطيرة ونقل لأكثر من مستشفى آخرها المعادى العسكرى، وتشاء الأقدار أن يكون والده من بين الفريق المعالج له، ولم يخطر بباله أبدا أن يموت بين يديه.
ختام الحكايات للسيدة الصعيدية بهية طه محمد شعبان، ولديها ثلاثة مهندسين وطبيب وطالب بالكلية الحربية وابنها الأخير مصطفى حجاجى استشهد فى ١٨ يوليو ٢٠١٥. قالت السيدة إن ابنها الشهيد كان سندها فى كل شيء، كان الأول على دفعته رقم ١٠٣ حربية.
فى الفيلم التسجيلى «الواجب» تحدث كل من القائد العام صدقى صبحى والوزيرة غادة والى والجراح العالمى مجدى يعقوب والكابتن محمود الخطيب والفنان محمد فؤاد وأحمد فلوكس والداعية حازم حسنى بكلمات مؤثرة عن الشهداء ومنزلتهم.
الملاحظة الرئيسية التى سمعتها من كثير من حضور الاحتفال هى دهشتهم من هذا الثبات الانفعالى، الذى يجعل سيدات من أعمار وبيئات وثقافات ومستويات مختلفة، يتحدثن بمثل هذه القوة والطلاقة. كلماتهم الصادقة جعلت الجميع يبكون بصورة متواصلة من أول رئيس الجمهورية لأصغر طفل كان بصحبة أهله.
رحم الله هؤلاء الجميع، من أول الفريق عبدالمنعم رياض إلى العقيد رامى حسنين، ومعهم كل الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين وكل من مات فى سبيل الحق دفاعا عن هذا الوطن.