يبدو أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تتعامل مع الجمهور العريض فى إسرائيل على أنه ولد مشاغب لا يجوز أن تحكى له الحقيقة فيما يتعلق بجوهر العلاقات مع السلطة الجديدة فى مصر. بناء على ذلك، فإنه لدى إطلاق صاروخين من شبه جزيرة سيناء على مدينة إيلات، تصرف المسئولون فى إسرائيل كما لو أن ذلك حدث فجأة، وأنه لا بد من إجراء تحقيق لتقصى الوقائع المتعلقة به، بينما فى واقع الأمر يدرك هؤلاء المسئولون من أين أطلق الصاروخان، ولماذا لم تقم منظومة «القبة الحديدية» بإسقاطهما.
وإزاء هذا، يجب القول إنه فى كل ما يتعلق بالأوضاع السائدة فى سيناء، فإن إسرائيل تواجه مأزقا لا تعرف كيف تتصرف إزاءه. ومع أن كبار المسئولين السياسيين والعسكريين حرصوا، فى أثناء الاحتفالات بمناسبة ذكرى مرور 65 عاما على قيام إسرائيل هذا الأسبوع، على إطلاق تصريحات شعبوية تتعلق بالقضايا الأمنية، إلا إنهم عمليا يقفون عاجزين أمام ما يحدث فى سيناء.
كما يجب أن نشير إلى أن المؤسسة الأمنية تلقت فى الآونة الأخيرة معلومات استخباراتية تفيد بأن هناك منظمات تنوى أن تطلق صواريخ على إسرائيل، ولذا قامت بنصب منظومة «القبة الحديدية» بالقرب من إيلات. ويمكن الافتراض أن هذه المؤسسة نقلت هذه المعلومات الاستخباراتية إلى الجهات المعنية فى مصر، غير أن هذه الجهات لم تتخذ أى خطوات حازمة ضد تلك المنظمات.
إن فحوى المأزق الذى أتحدث عنه هو أن إسرائيل تدرك تماما ما هو حجم النشاط المسلح الذى تقوم به مجموعات «إرهابية» فى سيناء، ومدى الخطر الذى يشكله على سكانها فى المناطق الجنوبية، لكنها فى الوقت نفسه تتجنب مواجهة هذه المجموعات داخل الأراضى المصرية بسبب خشيتها من أن يتسبب ذلك بإلغاء اتفاق السلام بين الدولتين. وليس من المبالغة القول إن هذا الوضع لن يتغير فى المستقبل المنظور، ولا سيما فى ضوء قيام الرئيس المصرى محمد مرسى بإصدار تعليمات تقضى بعدم استعمال القوة ضد البدو فى سيناء.
وبرأيى، إذا كانت إسرائيل راغبة فى الحفاظ على أمن سكانها فى الجنوب، فإن الوقت حان كى تقول لمصر إنها إذا لم تقدم على اتخاذ الخطوات اللازمة لمكافحة المجموعات «الإرهابية» فإن الجيش الإسرائيلى سيتكفل بمكافحتها فى حال استمرارها فى إطلاق الصواريخ على الأراضى الإسرائيلية.
ــ محلل عسكرى
«يديعوت أحرونوت»
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية