جيل «زد».. نهاية الأبجدية أم بداية التغيير؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 25 سبتمبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جيل «زد».. نهاية الأبجدية أم بداية التغيير؟

نشر فى : الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 7:50 م

 قد لا يعرف العديد من القراء عن جيل زد («z»). نحن الجيل الذى ولد بين عامى 1997 و2012. المشكلة تبدأ فى التسمية تيمنًا بالحرف الأخير من الأبجدية، فهل نحن فعلاً فى أسفل أولويات الأجيال السابقة؟ أم هل التسمية جاءت لتختم عصر الأبجدية الحالية لنفتح معها عهدًا بشريًا جديدًا يلائم طموحاتنا؟
يعيش جيلنا فترة محورية فى تاريخ الإنسانية، إذ علينا مواجهة تحديات مصيرية أكثرها موروث، منها الحروب والمخاطر الوجودية المتأتية من الذكاء الاصطناعى والحد من انتشار الأسلحة النووية، والفيروسات المصممة، وغيرها. فى الوقت نفسه، نشهد تغيرات فى المشهد السياسى (أهمها ظهور ثنائيات جديدة) والاجتماعى وسط الصراع الأيديولوجى والإثنى والدينى. فى ظل كل ذلك، المفارقة أن الجيل «زد» يعانى من بطء التواصل فى ما بين مكوناته فى عهد الاتصال السريع بين جميع أنحاء العالم؛ حيث تتعدد مشاكله تبعًا للبقعة الجغرافية بالرغم من تشارك الفئة العمرية، ويعانى ضياع السبيل وسط وفرة المعرفة المتراكمة كميًّا فى عصر المعلومات؛ حيث إن هذه الوفرة قد تكون أحد أسباب التشتت والقلق الزائد.
رغم أننا الأكثر تعليمًا، فقد نكون فى طريقنا لأن نكون أول جيل أسوأ حالاً من آبائه لجهة الإرث الثقيل بيئيًّا واقتصاديًّا؛ حيث نواجه تلوثًا أرضيًّا هو الأعلى فى التاريخ واقتصادات مترنحة لا تؤمّن الاستقرار. أمام التحديات التى نواجهها، لا يبدو أن الطبقة السياسية مهتمة بمستقبلنا بالقدر اللازم؛ حيث تنصب اهتماماتها على حفظ مصالحها وضمان استمراريتها فى حين تفشل فى حماية القيم التى يفترض أن تدافع عنها.
حلمنا بوعد الديمقراطية، إلا أننا نشعر بأن أصواتنا غير مسموعة، وبأننا جردنا من كل وسيلة لاختيار مصائرنا، فنحن محكومون بأنظمة ملزمة على كل الصعد، تبدأ بالأنظمة السياسية، ولا تنتهى بالنظم الاجتماعية والاقتصادية.
ما يزيد الطين بلّة هو تدفق المعلومات السريع والأخبار الدراماتيكية التى تبقينا فى حالة استنفار على مواقع التواصل الاجتماعى وتسوّق لهيمنة ذهنية «نحن ضد الفريق الآخر» وتضخم الآراء الأكثر تطرفًا والخلافات السامة، ما يدمر النسيج الاجتماعى وديمقراطيتنا.
يفتقد عدد متزايد من جيلنا الأمل بسبب كل هذه المخاطر التى عددتها. يشعرون بأن الرياح تجرى بما لا تشتهى سفنهم مهما فعلوا، وأن العالم على مسار الدمار ولا يمكن لدورهم الضئيل إنقاذه فيستسلمون.
يا أعزائى جيل «زد»، أعلم أن الحياة تبدو دون أمل أحيانًا؛ نعم، الديمقراطية تدمر نفسها، نعم العالم يعانى من مشاكل هائلة، نعم «الوضع سيئ»، لكن هذا لا يعنى أنه يجب الاستسلام. المحاربة من أجل قيمنا واجب تجاه المستقبل ووفاءً لنضال الأجيال السابقة. نعم، فشلت الأمم المتحدة فى بعض الأمور، لكنها تجسد هذه القيم والأمل وصراع الجدود من أجل حماية الحرية والديمقراطية. نحن أكبر جيل شهده العالم. إننا قادرون على إصلاح إخفاقات الأجيال السابقة.
العالم سيكمل طريقه، والتشاؤم والكبرياء والاعتقاد أننا «نستحق» أن نشهد نهاية التاريخ والوقت، ما هى إلا أوهام لا تساعد فى مواجهة المشاكل بطريقة بناءة. لا بد أننا نؤدى دورًا فى تحديد مصير البشرية. علينا أن نحارب بأمل، ونواجه التحديات اليومية بشجاعة، لا بتشاؤم وقلق وكجيل واحد وموحد. هكذا فقط نبنى عالمًا أفضل للأجيال القادمة. الأمل ليس خيارًا لنا وإنقاذ القيم عنوان المرحلة.

شربل ميشال مطران
جريدة النهار اللبنانية
النص الأصلى:
https://rb.gy/sybnhs

التعليقات