استوقفنى هذا الأسبوع حدث على وسيلة التواصل الاجتماعى «فيس بوك» قد يراه البعض خبرا لكنه فى نظرى يعلو على كونه مجرد خبر لما وراءه من شعور قوى طاغٍ بالمسئولية تجاه المجتمع.
كتبت «أم» على صفحتها فى الفيس بوك تفاصيل إصابة طفلها «آدم» بأحد أمراض المناعة الذاتية «الكاوازاكى» (Kawasaki). رغم ما يمكن أن تستشعره من لهفة الأم على طفلها ومعاناتها خلال فترة مرضه وحيرتها فى التشخيص وتنقلها ما بين عدد من الأطباء والمستشفيات. انتظارها لانحسار الأعراض وألمها لما يعانيه طفلها ذو العامين من ألم وحرارة مرتفعة وأعراض غريبة تراها لأول مرة كل هذا لم يلهها عن واجب رأت أنه حق عليها أداؤه لكل أم مصرية قد تتعرض لما هى فيه من حيرة ومعاناة دون تجربة سابقة تدلها على الطريق الصحيح لعلاج ابنها مما هو فيه.
كتبت بصدق وبدقة وتسلسل سليم للأحداث بصورة قد لا يجيدها طبيب. كان قلبى يتبع إيقاع كلماتها السريع ووصفها المتقن الواضح لما ألم بطفلها ساعة بساعة، الصواب والخطأ فى محاولات العلاج لمرض غير معروف وأعراض شرسة.
كان من الواضح أنها تحاول أن تلم بكل أطراف القضية وأن تجعلها فى متناول أى أم خاصة أن المرض بالفعل نادر وغير معروف فى مصر بعد وأنه قد يعد مفاجأة قاسية لأى أم رغم اهتمامها الشديد بطفلها وتوافر المعلومات العامة لديها عن رعاية الطفل فى مرضه.
«الكاوازاكى» أحد أمراض الأطفال الذى يمكن وصفه بالسهل الممتنع. فهو مرض لا يستثنى طفلا فى العالم وإن أطلقت عليه تلك التسمية عند اكتشافه فى اليابان وهو اسم طبيب الأطفال الذى وصفه بالتفصيل بعد حيرة عظيمة لعدم ترابط أعراضه.
الكاوازاكى أحد أمراض المناعة الذاتية تلك التى يهاجم فيها الجسم ذاته لذا فهو مرض غير معد يبدو مبهما وإن كان العرض الأساسى له هو التهاب الأوعية الدموية من أوردة وشرايين كذلك أغشية الجسم المخاطية والغدد الليمفاوية. تبدأ أعراض المرض بارتفاع مفاجئ للحرارة التى لا تستجيب للعلاج لفترة لا تقل عن خمسة أيام متتالية. التهاب الشرايين والأوردة قد تنشأ عنه تداعيات قاسية إذا ما طالت شرايين القلب التاجية فأصابتها بالتمدد.
قد يبدو الأمر سهلا هينا إذا ما انحسر ما دون مضاعفات فعلاجه يبدأ بتشخيص دقيق بعد اختبارات معملية ورصد بالموجات فوق الصوتية وقد يعجب الإنسان لأن العلاج الشافى هو الأسبرين مع بعض مركبات الأمينوجلوبيولين. تعاود الطفل عافيته فيعود إلى عاداته فى اللعب وتناول الطعام. لكن أيضا ذلك المرض الذى يصيب الأطفال ما بين الثانية والخامسة قد ينتهى بنهاية تدمى قلب الأهل وإن كان ذلك من لطف الله سبحانه لا يواتى إلا نسبة ضئيلة من مرضاه.
نشرت الأم صورتين متجاورتين «لآدم» وهو بكامل صحته يلهو مبتسما ثم صورة أخرى له مستسلما لوطأة الحمى وألم المرض فلم تجد وسيلة إلا واستخدمتها لتصل التجربة كاملة لكل أم قد يصيب ابنها سهام المرض الذى تلازمه الحيرة فى أمر تشخيصه دائما.
بلا شك تلك تحية واجبة من كل الأمهات والأطباء لتلك السيدة الشجاعة النبيلة التى لم تلهها حيرتها فى مرض ابنها عن واجب إنسانى استشعرته تجاه كل أخواتها الأمهات.
تحية عظيمة لمصرية عظيمة.