قراءة متأنية للنتائج التى أعلنتها وزارة الصحة هذا الأسبوع للمسح القومى متعدد المراحل لرصد عوامل الخطورة للأمراض غير المعدية تدعو الإنسان للتفكير وربما تدفعه للدهشة.
ان كنت بداية أود تسجيل ملاحظة يدرك أهميتها العاملون بمجال البحث العلمى خاصة. أجرى المسح على 5300 أسرة مصرية من عشر محافظات مختلفة فهل يمكن تعميم النتائج على سكان مصر بأكملها وقد تخطى عددهم الثمانين مليونا الآن؟ هل ما ينطبق على سكان كفر الشيخ يمكن أن ينسحب على سكان أسوان ورشيد؟ عنوان المسح يشير إلى أنه مسح قومى أى أنه يشمل كل سكان وجغرافيا مصر.
البحث جاء نتيجة جهود مشتركة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية ويبدو أنه سيستمر إذ إن تلك ــ كما فهمت ضمنا ــ المرحلة الأولى والتى بدأت 2010. كنت فى الواقع أتمنى لو كان كل أطباء مصر على اختلاف مواقع عملهم على علم بخطة عمل هذا البحث فهم أدرى الناس بتفاصيل خريطة المرض وعوامل الخطر المصرية وربما كانوا أيضا من توافرت لهم الهمة والرغبة فى المعاونة.
الواقع أن الأرقام كانت دائما إحدى المشاكل التى يواجهها البحث المصرى. غياب الاحصائيات الدقيقة عن المرضى والمرض فى بلادنا قضية حيوية مهمة يجب أن توضع فى الاعتبار. يجب بالفعل البدء فى دفع ودعم مشروع قومى يستهدف وضع أساسيات شبكة معلوماتية دقيقة صحيحة تعبر عن الواقع الصحى المصرى. المعلومات الدقيقة الواقعية الصحيحة هى بلاشك أول خطوة فاعلة يمكن بناء عليها رسم سياسة مستقبلية للوقاية من أمراض عديدة تستهلك ليس فقط صحة الإنسان بل أيضا اقتصاد الوطن.
ضم التقرير أرقاما مخيفة تستحق دراسات لاحقة أهمها: أن أكثر من ثلث عدد السكان فى بلادنا مصاب بارتفاع ضغط الدم 39.7٪ وأن الغالبية منهم ممن تتراوح أعمارهم بين 55 ــ 65 والتى قدر بثمانين فى المائة من مجموعهم! الأخطر أن 63٪ منهم لا يتناولون علاجا.
أما مرض السكر فيصيب 17٪ من المصريين وفقا للتقرير رغم الأنماط الغذائية الفقيرة نسبيا فى بلادنا إذا ما قورنت بغيرها من بلاد العالم الغنية.
حظنا من السمنة كان أيضا عظيما فقد وصلت النسبة إلى 62٪ من عدد المصريين أغلبهن بالطبع من النساء اللاتى يعانين من زيادة فى الوزن تساهم فى إعلاء شأن خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكر أيضا.
حظنا من النشاط والعافية قليل فنسبة الرجال الذين لا يمارسون أى نشاط بدنى وصلت إلى 72٪ بينما هى 89.8٪ لدى النساء.
رغم أن التقرير بلاشك يحمل نذر الخطر، إلا أننى كنت أتمنى الحصول على معلومات أكثر عمقا عن طرق البحث المستخدمة وأظننى أحاول إن شاء الله حتى تتضح الصورة كاملة أو ناقصة.