بالأمس كتبت أن غالبية الذين تحدثوا من نواب مجلس الشيوخ فى قلب المناقشة العامة بشأن استيضاح السياسات الزراعية للحكومة فى ظل المتغيرات المحلية والإقليمية يرون أن هناك مشاكل وعقبات كثيرة تواجه الزراعة المصرية.
لكن وزير الزراعة السيد القصير كان له رأى مختلف خلاصته أنه رغم كل الظروف الصعبة التى مر بها الاقتصاد العالمى والإقليمى فإن الزراعة المصرية حققت معدل نمو إيجابى ٤٪ وأثبتت قدرتها على الصمود، وأن البلاد لم تشعر بأى أزمة حقيقية فى الغذاء خلال جائحة كورونا.
لكن الوزير وبعد كلامه المتفائل من الوزير قال إن الأموال وحدها لا تكفى لتحقيق الأمن الغذائى للشعوب. وأسهب فى الحديث عن محدودية الأرض والمياه والموارد.
هو قال إن المساحة المزروعة فى مصر ٩٫٧ مليون فدان منها ٢ مليون فدان عبارة عن بساتين للفاكهة، ويتبقى نحو ٧٫٥ مليون فدان تزرع على دورتين صيفا وشتاء.
الوزير أكد أنه لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح إلا إذا زرعنا كل الأرض قمحا، فى حين نحتاج لزراعة محاصيل أخرى مهمة، وبالتالى علينا دائما البحث عن أفضل تركيب محصولى، حتى نحقق الأمن الغذائى النسبى وليس المطلق، والأخير غير موجود فى أى دولة بالعالم، فالجميع يصدر ويستورد وروسيا مثلا تستورد منا ٣٥٠ ألف طن بطاطس.
الوزير تحدث عن محدودية المياه، ولذلك بدأنا مشروعات تحلية المياه، كما أنشأنا ثلاث محطات لمعالجة مياه الصرف الصحى والزراعى فى المحسمة بطاقة ١٫٢ مليون متر مكعب يوميا وبحر البقر ٥٫٦ مليون متر مكعب، والحمام ٧٫٦ مليون متر وهى الأكبر عالميا. إضافة إلى المشروع العملاق لتبطين الترع للحفاظ على المياه من الهدر والتبخر، لكن إحدى المشكلات حسب قول الوزير أن بعض الفلاحين عازفون عن الرى الحديث.
الوزير تحدث أيضا عن مشكلة محدودية الأراضى فمصر طوال عمرها تعيش على ٦ ملايين فدان بجوار النيل. كان نصيب الفرد فدانين، حينما كان عدد السكان ٦ ملايين شخص، والآن نفس المساحة تقريبا مقابل عدد سكان أكثر من ١٠٠ مليون نسمة، وبالتالى صادر نصيب المصرى ٢ قيرط مقابل ١٢ قيراطا عالميا، والسبب معروف أن معظم أراضينا صحراوية والتجريف وزيادة الأحوزة العمرانية بسبب الزيادة السكانية المستمرة، ولذلك نسعى دائما لاستصلاح المزيد من الأراضى حيث تبلغ تكلفة استصلاح الفدان الواحد نحو ٢٥٠ ألف جنيه.
فى تقدير الوزير علينا أن نفخر بالجهد الذى تبدله الدولة حيث أصبحنا رقم ٢ عالميا فى إنتاجية فدان الأرز بين ٨٣ دولة، ورقم ٤ فى القمح و١١ فى الذرة ولدينا ٧ آلاف حقل استرشادى لزراعة القمح.
الوزير كشف أيضا عن أهمية «التقاوى المعتمدة» والتى زادت بسببها إنتاجية القمح من ٢٧٪ إلى ٧٢٪ للإردب ما يعنى زيادة فى الإنتاج مليون طن سنويا مع ثبات المساحة المنزرعة. إضافة إلى أن هناك توجهات لدراسة نوعية الأرض وما تحتاجه من أنواع محددة من الأسمدة.
الوزير أيضا كشف عن إمكانية العودة للدورة الزراعية فى المحاصيل الاستراتيجية التى تحتاجها الدولة. كما كشف عن أهمية تعديل قانون الزراعة الصادر منذ عام ١٩٦٦، وتم إرسال مشروع قانون جديد لمناقشته إضافة إلى ضرورة إصلاح قانون التعاونيات، وسيتم الاستفادة من بعض التجارب الدولية. الوزير قال أيضا إن الاكتفاء الذاتى فى السكر ٩٠٪ وبنسبة أكبر فى الأسماك، لكن المشكلة فى اللحوم والزيوت كاشفا عن أن الوزارة ستبدأ فى تطبيق مفهوم الزراعة التعاقدية فى الذرة وفول الصويا ومن العام الماضى بدأ تطبيق مفهوم سعر الضمان. والأمر الأخير يحتاج لنقاش لاحق.
كلام الوزير مهم ومطمئن لكن الصورة على الأرض لا تبدو كذلك، وخلال النقاشات فى مجلس الشيوخ قال بعض النواب إن هذه السياسات المعلنة فى وادٍ وحال الفلاحين والمزارعين فى وادٍ آخر، وأنه رغم الاكتفاء الذاتى من الأرز مثلا فقد قفز سعر الكيلو منه فى بعض الأماكن إلى 35 جنيها، فكيف يمكن تفسير ذلك؟!