تأثير السوشيال ميديا أو شبكات التواصل الاجتماعى تنامى حتى إنه فى الكثير من الأحيان قد يفوق أثر الإعلام الدولى فى نفوس الناس حتى مع اختلاف مستويات الوعى والثقافة. هناك من الأمثلة ما يخيب الظن عند انتشار خبر كاذب أو إشاعة مختلفة لكن هناك أيضا ما يمكن أن يدعوك لاحترامه من أفكار جادة وتجارب بناءة ومحاولة لتقديم خدمة عامة للناس بغرض التوعية والدعم.
من أكثر التجارب تأثيرا فى النفس تلك التى انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعى حينما طالت تداعيت الجائحة العالمية لعدوى كوفيد ــ ١٩ كل إنسان حى على الكرة الأرضية. انتشرت مواقع كثيرة منها الرسمى ومنها الذى اعتمد على جهود المجتمع المدنى للتوعية بكل الحقائق التى يمكن أن يستند عليها الإنسان للدفاع عن نفسه فى مواجهة الوباء العالمى.
التجربة المصرية فى ذلك المجال لا تخلو من أمثلة رائعة تعلن عن روح إنسانية أصيلة ورغبة صادقة فى المساعدة وتقديم العون فى وقت الأزمة.
إذا استعرضت تلك الصفحات على فيسبوك التى تقدم خدماتها دون أى مقابل للمواطنين فسترى أن من المواطنين المصريين من اختار أن يكون الوجه الآخر للعملة المصرية. العديد من الصفحات التى تتحدث عن كورونا: العدوى والأعراض ووسائل الوقاية والحماية منها كلها حقائق معلنة صاغها أطباء وصيادلة ومتخصصون فى الوبائيات بصورة سهلة واضحة يمكن أن يستوعبها المواطن المصرى البسيط.
تتعدد الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعى والتى تطوع بإنشائها وتحديثها بانتظام مصريون دفعهتم الرغبة فى مساعدة ومساندة الآخرين إلى القيام بمسئوليتها كاملة.
الذى يدعو بالفعل إلى الاحترام والإعجاب أن من بين تلك الصفحات من أصر على مسئولية أكبر تساهم فى توفير الأدوية وأسطوانات الأكسجين وأجهزة قياس الأكسجين لمن يحتاجها بل إن هناك أيضا من سجلوا رغبتهم فى توفير وجبات صحية لأولئك الذين يحتاجونها ويعيشون بمفردهم مفتقدين دفء العائلة.
من تلك الصفحات أيضا من كانت لديه الرؤية لأن يحقق أكثر من هدف فى آنٍ واحد: سجل أصحابها معلومات أظنها الأهم والأكثر حقيقية وصحة عن اللقاحات وعمليات التطعيم فكانوا يطلبون أن يقدم كل مواطن معلومات عنه: سنه وجنسه ونوع اللقاح الذى تلقاه وما عاناه من أعراض ــ إن وجدت أعراض ــ بعد تلقى اللقاح.
منهم أيضا من سلك السلوك الواقعى العلمى لتسجيل كل المعلومات المتاحة لهم عن تطورات العدوى الوبائية: أوقات ذروة انتشار العدوى ومتى انحسرت الموجة مقارنة بما يعلن عنه عالميا من تحورات الفيروس والسلالات الناتجة عن انتشاره.
يحسب أيضا لتلك الصفحات هذا الجهد العظيم الذى قام به العديد من الأطباء المتخصصين فى الرد على استفسارات الناس وتوجيههم للاتجاهات الصحيحة فى العلاج والتشخيص وتصحيح معلوماتهم والتى كانت تبدو مغلوطة فى الكثير من الرسائل التى كتبها البعض.
هناك أيضا من الأطباء من تطوع بتسجيل مقاطع مهمة من الثقافة الصحية والمعارف الطبية تفيد الإنسان العادى فى الاستعداد لمواجهة العدوى بل ومقاومتها ومحاولة حماية المجتمع المحيط به من انتقال العدوى إذا أصابته.
انضم إلى الصفحات صيادلة قدموا بالفعل معلومات مهمة عن الأدوية التى تستخدم للعلاج ودعم مناعة الإنسان والوقاية من العدوى إلى جانب معلومات بالفعل مهمة عن أهم الأدوية التى تناولها مرضى الأمراض المزمنة مثل السكر وارتفاع ضغط الدم وأدوية نزلات البرد.
لكل تلك الصفحات أسماء على وسائل التواصل الاجتماعى أغفلتها عن عمد فالواقع أنها كلها بلا استثناء يستحق التحية الواجبة لكنى احتفظت بحق مطالعتها ربما كان لـ «الشروق» مساهمة تضيف إلى بعضها دعما مستحقا.
أرجو أن يكون أولو الأمر فى الشأن الصحى قد انتبهوا لأهمية تلك الصفحات والدور الذى تلعبه بشجاعة ومسئولية فهناك العديد منها يعبر عن قيمة أصيلة فى الثقافة المصرية. كما أنها مصدر بالغ الأهمية للمعلومات التلقائية التى قد يحتاجها الموقف المصرى المعلن من الأزمة.
هى أيضا صفحات أولى بالدعم من وزارة الصحة ومؤسسات الدولة الخدمية فما يقدم فيها بالفعل يشى بنية صادقة لتقديم الدعم للمواطنين ومعاونتهم بجهد مخلص على مواجهة الأزمة. رعاية الدولة لتلك الصفحات ودعمها فرض عين إذ إنها تؤدى دورا مكملا لدور الدولة.
للدولة دور بالغ الأهمية فى الدعم للصفحات الجادة التى تقدم معلومات عن المرض بتحديث تلك المعلومات متى كان ذلك واجبا والإعلان عن الخدمات التى تلتزم بها الدولة تجاه مواطنيها فهناك أيضا صفحات تعلن عن المساعدة فى الحصول على شهادات التطعيم اللازمة للسفر وعن شراء أدوية ولو فى هيئة شرائط متبقية من علاجات من تعافوا. لا أشير على الإطلاق إلى ممارسات خاطئة فأنا لا أعلم كيف يمكن المساعدة فى هذا الشأن، لكنى أدعم بكل ما أملك من رغبة فى دعم تلك الصفحات الجادة الخالصة لوجه الله والوطن وأدعو الدولة لدعمها إذ إنها بلا شك تقوم بدور بالغ الأهمية فى دعم المواطن المصرى ومن الممكن أن تكون مصدر معلومات مهما عن طبيعة المرض فى مصر. تقبل الله كل الجهود المبذولة لوجه الله تعالى والمواطن المصرى، على الله القصد والمقاصد.