بدأت فى الأسبوع الماضى قراءة فى ملف الصحة فى مصر، كنت أتمنى لو قدرنى الاستمرار فى تقليب صفحاته لكن تصريحا تناقلته الصحف اليومية للسيد رئيس الوزراء استوقفنى وأوقفنى. صرح الدكتور شرف ــ إن صح بالفعل إن كان هذا ما صرح به ــ بأن هناك تغييرا وزاريا بعد ستة أشهر يشمل عددا من الوزراء بينهم وزير الصحة ردا على مطالب بإقالته. التصريح ــ كما نشرت الدستور الأربعاء 20 أبريل ــ جاء خلال لقاء رئيس الوزراء مع وفد نقابة الأطباء بمقر رئاسة الوزراء لمناقشة مشكلات الأطباء، وعد رئيس الوزراء بتعيين طبيب ليكون مسئولا عن عرض مشكلات الأطباء فى رئاسة الوزراء عليه شخصيا. أكد أيضا ضرورة مناقشة وزير المالية لإعادة هيكلة أجدر الأطباء ووضعهم فى الشريحة الأولى للأجور باعتبارهم أكثر الفئات تعرضا للأخطار.
المطالبة بإقالة وزير الصحة التى تبنتها نقابة الأطباء كما صرحت الدكتورة منى مينا عضو وفد الأطباء تستند إلى شعور الأطباء بأن وزارة الصحة لم تمتد إليها الثورة وأن وزير الصحة كان عضوا فى الحزب الوطنى وأحد قيادات الوزير السابق!
أسعدنى بالطبع أن يستقبل رئيس الوزراء الأطباء لمناقشة مشكلاتهم، أراحنى بلا شك تأكيده على إجراءات حماية المستشفيات من أعمال البلطجة وقرار النظر فى أمر الأجور رغم أن تلك مشكلة عامة تنسحب على كل موظفى الدولة.
ما استوقفنى حقا هو لماذا يجب أن يُعين مندوب دائم لشئون مشكلات الأطباء فى رئاسة الوزراء! هل يتبع ذلك قرار مماثل للمدرسين والمهندسين والتجاريين والزراعيين وكل من له وزارة يجب ألا يكون على وفاق مع إدارتها ويستشعر أنه لم تطلها رياح التغيير والثورة؟
أوقفنى التصريح بأن وزير الصحة الحالى سيغادر فى التعديل الوزارى القادم فقد كان هدفى من مراجعة ملف الصحة أن أنقل إليه صورة واقعية واضحة المعالم للمشكلات الحقيقية التى يواجهها المرضى والأطباء المهمومون بالفعل بقضية الصحة فى بلادنا.
خطأ فادح أن تعودنا أن ترتبط سياسات أى وزارة باسم وزيرها ومنطقه وتفكيره وانتمائه فى غياب مؤسسات مستقرة تلتزم بسياسة الدولة.
خطأ آخر فادح ألا تمتد جسور الثقة بين الأطباء ووزير الصحة لأى سبب كان، فالأصل فى تلك العلاقة يبدأ بالتفاهم، رغبة فى حسن الأداء المتعاون.
أما الإعلان عن رحيل وزير الصحة قبل ستة أشهر من تنفيذ القرار فهذا أمر بلا شك يحتاج تصريحا جديدا من السيد رئيس الوزراء ــ إذا صح السابق ــ وتعليق من السيد وزير الصحة. أرجو ألا يفهم أننى فى موقف دفاع عن الدكتور أشرف حاتم إنما هى محاولة لفهم ما يحدث الآن من عضو عامل بنقابة الأطباء لم يحدث أن كان عضوا فى الوفد الذى شرف بلقاء رئيس الوزراء وإن كان ينتظر ردا أظنه من حقه.