كان حديث الاسبوع الماضى عن السعادة وإشارة العلم إلى أنها مفتاح الصحة فى دراسة علمية حديثة صادرة عن جامعة هارفارد الأمريكية. رغم أن الدراسة تقرن السعادة بعوامل وراثية وبيئية إلا أنها أيضا تؤكد أن للإنسان دورا مهما يجب ان ينتبه إليه، واقترحت الدراسة أن يتبنى فكرة ممارسة الرياضات الذهنية مثل التأمل والتركيز من الثقافة الشرقية وتعاليم بوذا.
يبدو أننى قد لمست وترا حساسا لدى الكثيرين حينما تحدثت عن السعادة. فقد فوجئت بعدد الرسائل التى وصلتنى تعلق على ما كتبت.
من أهم التعليقات ما يتساءل عن تلك الرياضات الذهنية وما يشر إلى أنها دخيلة على ثقافاتنا المصرية وأنها لطبقة صغيرة من المثقفين الأمر الذى ينفى اهتمامى بسعادة العامة!
أسعدنى الاهتمام والنقد فى ذات الوقت فهما وجهان لعملة واحدة من وجهة نظرى. ولعل من انتقد اهتمامى بالرياضات الذهنية يراجع الخبر المنشور من الصفحة اليوم. بالطبع الرياضات الذهنية كالتأمل والتركيز ليست رياضة لكل البشر بل لمن يؤمن بها ويعتقد فيها ويقبل على تعلمها. لا يشترط فى ذلك نوع تعليم ولا قدر من الثقافة راق. إذا أردتم أدلكم على أرقى أنواع التأمل والتركيز: إنها الصلاة. الغرض هو التركيز والاستغراق والانفصال عما حول الإنسان بمعنى آخر أن تفتح باب نفسك لتدخل عالمك وتغلق الباب خلفك. ان تتعود أن تخلو بنفسك وألا يشغلك ما حولك حتى تنعم بلحظات من الصفاء تغسل روحك ثم تعاود الرجوع إلى عالمك بين الزحام وضجيج الآخرين وضغوط العمل ومشاكل الحياة باحتمال أكبر وتفهم وسعة صدر أرحب.
التأمل واليوجا رياضات ذهنية تميز الحضارة الشرقية ويمارسها الغرب الآن هربا من إيقاع الحياة السريع وضغوطه المستمرة اليومية على البشر لذا فتلك الرياضات الذهنية تظل محل دراسة يتابع العلم أثرها على النفس البشرية بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الاكتئاب هو السبب الثانى من أسباب إعاقة الإنسان فى العالم.
أؤمن بأهمية التأمل وأرى بالفعل أنها رياضة ذهنية بديعة مقاومة لمشاعر الكآبة وأنها بمثابة رئة بعقل الإنسان. أؤمن أيضا أن الصلاة فى خشوع بين يدى الخالق تحتاج لإدراك فكرة التأمل وممارستها. أؤمن أيضا بأن تجربة السعادة تجربة شخصية تختلف من إنسان لآخر رغم الموروثات الجينية والعوامل البيئية التى لا أنكر دورها وان كنت أؤمن أن هناك مساحة على الإنسان أن يحتلها بجهده متى كان حريصا على سعادته ولذلك حديث قادم إن شاء الله تعالى.