موقعة الشطافة وجدل حول المقام السامي - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

موقعة الشطافة وجدل حول المقام السامي

نشر فى : السبت 25 مايو 2019 - 10:45 م | آخر تحديث : السبت 25 مايو 2019 - 10:45 م

مع دخول شهر رمضان نشر أحد مشايخ الأزهر على صفحته في فيس بوك مقطع فيديو يحذر فيه من استخدام شطافة الحمام بقوة حتى لا تتسرب إلى جوف الإنسان بعض قطرات الماء من خلال فتحة الشرج فيبطُل صيامه.
في خلال فترة قصيرة تحول الموضوع إلى دعابة تلقاها كثيرون بسخرية. وعلى الفور تشكلت تلقائيا جبهة من محبي الشيخ والمدافعين عن العقيدة "الصحيحة" ردوا على ما تصوروه "حملة على الإسلام" وبنوا ردودهم على عدد من النقاط.

أولها هو جهل المنتقدين. فإشكالية استخدام الشطافة معروفة، وسبق نقاشها والقطع بنفس هذا الرأي من قبل عدد من الفقهاء. وهو رد لم يلمس صلب الخلاف ودار حوله.
والثانية أن الفيديو اقتطع من سياق محاضرة قديمة مدتها ساعة وأنه "مجتزأ" نشره وروجه مناهضون للشيخ ومشروعه "التوعوي". وهو دفاع غريب لأن الفيديو نشر بواسطة الشيخ ذاته رغم أنه محاه بعد الضجة.

تزداد غرابة الرد عندما نحاول فهم الكليشيه الرائج "فيديو مقتطع من سياقه". أي سياق؟ هل كان الشيخ يتحدث عن الصلاة ونسب الفيديو للصوم؟! بالتأكيد لا. نشر الفيديو في سياق شرح مبطلات الصوم. ولا يغيرو دلالته أن يكون الحديث تناول مفطرات أخرى بخلاف "شرب" الماء من الدبر!

أما نقطة الدفاع الأخيرة فهي أن من يسخرون أو يرفضون هذه الفتوى التي لا يوجد عليها (ولا على غيرها) إجماع كفار زنادقة، رافضون للعقيدة، وكارهون للشيخ.
الفتوى ذاتها لا تعنيني في كثير. ولست مهتما بالجدل حول إمكانية امتصاص الماء أو الغذاء بواسطة المستقيم. الموضوع أكبر من هذا.
الفتوى ومن يتبنونها يدافعون في حقيقة الأمر عن تصور مسيء للخالق العظيم تم ترويجه على مدى عقود.
تصور يناقض ما يفهمه آخرون، وأنا منهم، عن عظمة وسمو الإله القادر الجبار العظيم الرحمن الرحيم تعالى شأنه عن السفاسف. هل يعقل أن يفاجأ عبد محب صائم في الآخرة بأن صيامه كان باطلا لأنه والعياذ بالله استخدم شطاف المؤخرة فدخلت قطرتان من الماء في دبره؟!!
لا يرى هؤلاء في الإله سوى امتدادا مضخما لأصحاب السلطة والنفوذ في محيطهم. رئيس في العمل أو مدير مصلحة أو موظف متعنت.

يتصورون أن الرحمن الرحيم القادر القيوم الذي وسعت حكمته وقدرته كل شيء، ويعرف حدود الإنسان الذي خلقه وقدراته، سيأتي يوم الحساب ويأمر "بخصم" بضعة أيام من صيام عبد مطيع.

- لماذا؟

- لأنك يا عبد استخدمت الشطافة أثناء الغسل فتسربت في دبرك قطرتان من الماء.

- لكنني صمت عن الطعام والشراب والشهوات طاعة لله وحبا فيه.

- والله نظامنا كده!

.. وعزته وجلاله لم اقصد. تسرب الماء بالخطأ. لا أظن أن صيامي عن الطعام والشراب تأثر أو أنني، عفوا، .. ارتويت.

- آسفين والله. كان لازم تسمع كلام المشايخ!
الرحمن الرحيم في تصورهم "يتلكك على الواحدة" لكي يخطٌٍئك بأي حجة. تماما كما يفعل المدير المتعسف مع موظف مسكين. "اتفضل من هنا يا أستاذ. مخصوم منك يومين صيام".

عبث واستهانة بمقام الربوبية، وخلاف حول قيمة ومقام الإله الواحد القهار قبل أن يكون جدلا حول الصيام ومبطلاته.

الدين بسيط ومراميه عليا يفسدها على الناس التنطع.

التعليقات