لم تكن قد مضت سوى أيام قليلة على وصوله من مقر عمله بالعاصمة السعودية الرياض حتى فاجأنى بمكالمة مفعمة بالإحباط قبيل أيام قليلة من عيد الفطر، قال لى طارق عبدالوهاب استاذ الجامعة المصرى الذى يعمل بجامعة الملك عبدالعزيز السعودية منذ أقل من عام، لقد ذهبت إلى فرع بنك فيصل الإسلامى بمدينة السادس من أكتوبر، وقمت بسحب مبلغ 20 ألف جنيه من حسابى لمواجهة نفقات العيد ودفع زكاة عيد الفطر وركبت سيارتى ومعى المبلغ، وانطلقت بعيدا عن البنك وتركت السيارة لدقائق فى ميدان رئيسى بالمدينة متوجها لأحد المحال، وما أن عدت للسيارة حتى وجدت زجاج الشباك مكسورا لاكتشف سرقة المبلغ.
توجهت إلى قسم الشرطة لأحرر بلاغا بالواقعة فإذا بضباط الشرطة يستقبلون الأمر ببساطة شديدة تصل إلى حد البرود مما يفقدك الامل فى استعادة أموالك، كنت أنوى أن أعود إلى مصر، وأكتفى بفترة العام الذى قضيته بالسعودية قال الأستاذ الجامعى متمتما: لكن يبدو أن الأوضاع فى البلد لم تستقر بعد خاصة الشعور بالأمن وقبل أن ينهى المكالمة حكى لى الدكتور طارق عما تعرض له أولاده الصغار من أعمال بلطجة آخرها سرقة «فلوس الدرس والمواصلات» من أحدهم، ولم يكتفِ «الحرامى» بذلك بل قام بضربه على مؤخرة رأسه مما أدى إلى إصابة الابن بحالة نفسية سيئة.
قصة الأستاذ الجامعى تتكرر كل يوم فى مناطق مختلفة بأنحاء البلاد، فى العاصمة وفى الأقاليم ليس على المستوى الفردى فقط وإنما على مستوى الشركات وسيارات نقل الأموال ومكاتب البريد وغيرها، وإذا اعتبرنا الأمن خدمة من حق المستهلك أن يحصل عليها مثل أى خدمة أخرى خاصة بعد أن تحول شعار الداخلية إلى الشرطة فى خدمة الشعب، فهل يستطيع جهاز حماية المستهلك أن يدخل مثل هذا المجال الشائك ليطالب بحق المصريين فى الأمن والحماية خاصة أن الأمن الشخصى مسألة مفصلية ومهمة ترتبط بأمن المجتمع ككل، كما يتوقف عليها تعافى النشاط الاقتصادى وعودة الاستثمار الخارجى والسياحة، وقد تعهدت الحكومة السابقة بوضوح فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الموجه لصندوق النقد الدولى فى إطار السعى للحصول على القرض، باستعادة الأمن والاستقرار للبلاد إلا أن التطبيق الفعلى لم يلمسه أحد حتى الآن، وحتى بعد تشكيل حكومة د. هشام قنديل التى استبشرنا بها خيرا، لكن للأسف استمرت حوادث السطو والبلطجة فى وضح النهار فى تحدٍ سافر لمؤسسات الدولة.