دور أنابيب النفط فى حرب العراق عام 2003 - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 10 أكتوبر 2024 7:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دور أنابيب النفط فى حرب العراق عام 2003

نشر فى : الثلاثاء 25 ديسمبر 2018 - 9:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 25 ديسمبر 2018 - 9:50 م

نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى ــ كاتب عراقى متخصص فى شئون الطاقة ــ عن دور أنابيب النفط فى حرب العراق 2003 وذلك من خلال عرض مقال للكاتب جارى فوجلر نشر فى الثالث من الشهر الحالى فى دورية «أويل آند جار جورنال» المتخصصة فى الشئون النفطية.. جاء فيه:

يؤخذ فى الاعتبار الاقتصاد والسياسة عند تشييد أنابيب النفط التصديرية والعابرة للدول، كما تلعب الخطوط دورا خلال الحروب. ودون المستشار النفطى للإدارة والقوات الأمريكية فى العراق بين عامى 2003 و2011 دون جارى فوجلر الأبعاد الجيوسياسية للأنابيب الإقليمية فى حرب عام 2003. ونشر عام 2017 تجربته النفطية فى العراق فى كتابه «العراق وسياسة النفط»، كما نشر مقالا فى الثالث من الشهر الحالى فى الدورية النفطية «أويل آند جاز جورنال»، شرح فيه بالتفصيل دور الأنابيب التصديرية فى حرب 2003.
وجاء فى المقال أن هناك 3 طرق لتصدير النفط الإيرانى عبر شرق المتوسط إلى أوروبا، الأولى عبر قناة السويس أو خط أنبوب «سومد» فى مصر أو خط إيلات ــ عسقلان الذى شيد عام 1970 بالشراكة بين إيران فى عهد الشاه وإسرائيل. وأتاح خط إيلات نقل النفط الإيرانى عبر إسرائيل إلى السوقين الأوروبية والإسرائيلية. وتولت مسئولية الخط شركة إيرانية ــ إسرائيلية مشتركة، ولكن إسرائيل بادرت إلى وضع اليد على الخط بعيد الثورة الإيرانية عام 1979. ولعب الخط دورا مهما فى تحقيق أمن الطاقة لإسرائيل، ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى فرض سرية تامة على المعلومات المتعلقة بالخط. وفى نهاية عام 1979، رفعت إيران دعوى قضائية ضد إسرائيل لوضعها اليد على الشركة، وربحت الدعوة فى هيئة للتسويات القضائية فى سويسرا التى حكمت عام 2016 بدفع إسرائيل تعويضا قيمته 1.2 بليون لإيران مقابل حصتها فى الخط. وتوسعت شركة الأنابيب وامتلكت مصافى أجنبية، كما أصبحت الملاذ للنفوط الخام التى تهرب إلى إسرائيل من دول إقليمية لم تجد أسواقا تقليدية لها. ونظرا للأهمية الأمنية للخط لإسرائيل، شرع الكنيست قانونا نهاية عام 2017 بالاعتقال لمدة 15 عاما لكل من يفشى معلومات أو أسرارا عن الشركة.
يذكر فوجلر أن هذا الخط هو المصدر الأهم لثروة التاجر النفطى مارك ريتش بين عامى 1970 حتى 1994. وأعفى الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون ريتش فى ديسمبر 2001 لتهربه من دفع 100 مليون دولار من ضرائب الدخل. ولكن ريتش اسم شركته المسجلة فى سويسرا بعد الإعفاء وأسس شركة «جلين جور» للتجارة النفطية عام 1995، وهى من أكبر شركات تجارة النفط فى العالم. وذكر ريتش فى كتابه حول سيرته الذاتية أنه «صديق حميم للموساد»، ومعظم ثروته مصدرها بيع النفط الإيرانى عبر خط إيلات إلى مصاف أوروبية. واستطاع ريتش التجارة بالنفط الإيرانى حتى بعد حصار عام 1979 وحتى منتصف تسعينيات القرن الماضى. وكان مدير إدارة مكتب نائب الرئيس ديك تشينى لويس ليبى، محامى ريتش طوال هذه الفترة.
وفقدت «جلين جور» عقد النفط الإيرانى فى منتصف التسعينيات بعد مغادرة ريتش الشركة، والذى أدت استقالته إلى زيادة سعر النفط فى إسرائيل نحو 25 فى المائة مقارنة بالأسعار العالمية فى حينه.
واقترح الدكتور أحمد الجلبى وعودا عدة لمتنفذين فى اللوبى الإسرائيلى فى واشنطن. وبحسب فوجلر، «من ضمن وعود الجلبى إعادة فتح خط كركوك ــ حيفا مقابل مساعدتهم فى استعمال القوات الأمريكية لإزاحة نظام صدام حسين». وعمل خط حيفا بين عامى 1934 و1948، حين قررت الحكومة العراقية تفكيكه، وامتد حتى محطة الضخ فى حديثة (غرب العراق)، وتفرع من هناك إلى حيفا، حيث الانتداب البريطانى على فلسطين وفرع آخر إلى طرابلس، حيث استمر التصدير عبر لبنان.
يذكر المؤلف ثلاث وسائل ساعد البنتاجون بها أجندة الجلبى النفطية مقابل تعهده إعادة تشغيل خط حيفا، وهى «فتح خط سرى ومباشر ما بين الجلبى فى بغداد ومكتب نائب رئيس الجمهورية فى واشنطن، ومساعدة وتدريب قوات عراقية من اللاجئين بقيادة الجلبى، وتدمير خط كركوك ــ بانياس عبر سورية». وتعهد الجلبى مقابل هذه المساعدات تزويد واشنطن بمعلومات قيمة، بينها معلومات عن أسلحة بيولوجية خاطئة، استعرضها وزير الخارجية كولن بأول فى كلمته أمام مجلس الأمن فى فبراير2003.
يذكر فوجلر أن خطط الجلبى لخط حيفا شملت توسيع طاقة الخط إلى أكثر من مليون برميل يوميا، ما كان سيكلف بلايين الدولارات. وكان بنيامين نتنياهو وزير المال عام 2003، حين زار لندن لمناشدة المؤسسات المالية توفير القروض.
ولعب خط كركوك ــ بانياس الذى تم تشييده فى 1952 ويمر عبر سوريا دورا منافسا لخط حيفا. لحق خط بانياس بعض الأضرار فى حرب الخليج الأولى فى 1991. وأعيد التصدير من بانياس فى 2000 بطاقة محدودة نحو 300 ألف برميل يوميا. طالب ممثل اليمين الجديد فى لجان التخطيط للحرب فى البنتاغون، التى شارك فيها فوغلر، إيقاف الضخ من خط بانياس عقابا لسورية لمساعدتها العراق خلال حصار التسعينات. عارض فوجلر الاقتراح، وأشار إلى أنه لم يعرفوا فى اللجان فى حينه أن ممثل اليمين الجديد ماكوفسكى» لديه علاقات قوية مع إسرائيل والموساد». وعرفوا لاحقا أنه كان قد التحق سابقا فى السلك الدبلوماسى الإسرائيلى. وكانت اللجنة الأمريكية ــ الإسرائيلية للعلاقات العامة «إيباك» رشحته لمنصبه فى البنتاغون فى صيف 2002.
ووافقت لجنة التخطيط فى البنتاغون على اقتراح فوجلر بعدم نسف خط بانياس، كما وافق الرئيس بوش على الاقتراح نهاية 2002، معتبرا أن الاستمرار بالضخ يسمح بمقايضة سورية للتعاون لاحقا. ولكن هيمنة اليمين الجديد على إدارة بوش غير هذه السياسة، إذ كان هدفهم ضعضعة الاقتصاد السورى وتقوية إسرائيل، فاتصل وولفويتز بالقيادة العسكرية الأميركية فى العراق وأمر بنسف خط بانياس على عكس أوامر بوش. ويضيف فوجلر: «مع تدمير خط بانياس فى أبريل 2003، اعتقد الجلبى أن الباب أصبح مفتوحا له لإعادة خط حيفا، وواجهت الحلبى عقبة أن خط حيفا تم تفكيكه فى محافظة الانبار، وتم نقل معظم أجزائه أو تصدأ ما تبقى منه».
وتابع فوجلر: «بادر موظفو وزارة النفط العراقية ــ الذين قرأوا فى وسائل الإعلام العربية عن نية الأمريكيين ضخ النفط إلى حيفا ــ بالهجوم على ما تبقى من الخط وتدميره. أدى الهجوم إلى إغلاق مصفاة الدورة، ما أدى بدوره إلى شح المنتجات البترولية فى بغداد». وأضاف: «لم نفهم فى بادئ الأمر سبب نسف الأنابيب، كنا نعرف أن المنفذين للعمليات من كادر الصناعة النفطية، فخرائط الأنابيب محصورة التوزيع على الموظفين النفطيين فقط، ولكن مع اشتداد أزمة شح الوقود فى بغداد، أصبح واضحا للجلبى ولليمين الجديد فى واشنطن سبب المشكلة المستعصية». ولم يكن من الممكن تأهيل خط حيفا، كما لم يكن بالإمكان تصدير النفط إلى إسرائيل، فالعراقيون لن يقبلوا بهذا وبلادهم فى حرب مع إسرائيل منذ العام 1948. ولذلك يتوجب التفكير بخطة بديلة لتصدير النفط العراقى إلى إسرائيل، فأمر الجلبى وزارة النفط فى سبتمبر 2003 ببيع النفط لشركة «جلين جور»، التى صدرت النفط العراقى إلى إسرائيل.

الحياة ــ لندن

التعليقات