من يستفيد من تشجيع التطرف؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يستفيد من تشجيع التطرف؟

نشر فى : السبت 26 مارس 2011 - 9:13 ص | آخر تحديث : السبت 26 مارس 2011 - 9:13 ص

 الصورة المنشورة فى الصفحة الأولى بجريدة الأهرام، صباح أمس الجمعة، فى طبعتها الثالثة، تبعث برسالة خاطئة وشديدة الخطورة.

الصورة جاءت فى إطار موضوع عنوانه «مسلمون وأقباط يطفئون نار الفتنة فى قنا» بعد حادث قيام المتطرفين بإقامة الحد على مواطن قبطى وقطع أذنه بتهمة أنه يسهل الدعارة لفتاة مسلمة.

داخل إطار الصورة نائب الحاكم العسكرى لمحافظة قنا وشيخ أزهرى، وشاب يبدو أنه من السلفيين، وعضو مجلس شعب سابق، وشقيق المجنى عليه.

هؤلاء الأشخاص يضعون أيديهم على أيدى بعض فى إشارة للمصالحة.

لو كنت متطرفا فإن المعنى والمغزى والدلالة والرسالة الوحيدة التى ستصلنى من هذه الصورة هى أنه يمكننى أن أفعل ما أشاء، أضرب مسيحيا، أو أؤدب بهائيا، أو أهاجم فتاة لأنها لا تلبس زيا محتشما أو ألقى بجارى ذى الشعر المنكوش من شرفة منزله لأن سلوكه لا يعجبنى.. أفعل كل ذلك والثمن الذى سأدفعه هو أن رموز الدولة وممثلى السلطة والحكومة والمجتمع المدنى سوف يأتون لالتقاط صورة معى، ونكتفى بالقول بأن الحادث أهلى وليس طائفيا، وأن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين «أزلية وسمن على عسل»، وينصرف كل منا إلى حال سبيله، ثم أبحث أنا المتطرف عن فريسة جديدة كى أقيم عليها «حدودى الخاصة».. وهكذا.. حتى أتمكن أنا وزملائى المتطرفون من إقامة دولتنا السلفية النقية التى لا وجود فيها إلا للسلفيين الأطهار.

الصورة التى كان ينبغى أن يحرص على التقاطها كل المسئولين هى للجناة ــ الذين قطعوا أذن المدرس أيمن أنور مترى ــ وهم مكبلون بالأغلال و«الكلبشات»، حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

كيف يمكن لمسئول أن يوافق على مثل هذه الصورة؟.

ثم إن المعالجة التقليدية لمثل هذه الأحداث ثبت فشلها، انتهى زمن حكاية «إطفاء نار الفتنة» أو عناوين من قبيل «العلماء يبرئون الشريعة من هذا الحادث»، أو أن يخرج علينا مجمع البحوث الإسلامية بفتوى تقول إن «تغيير المنكر باليد من اختصاص الحاكم»، أو أن يقول بعض ممثلى السلف: «قطع الأذن ليس من الحدود». إذا كان الأمر كذلك فلماذا نعود إلى مثل هذه «الكليشيهات»... ألم نتعلم من درس أوائل التسعينيات؟!!

لماذا لا تكون الرسالة هى أن كل إمكانات الحكومة مجندة للقبض على الجناة وسرعة معاقبتهم قبل أن تتفاقم الظاهرة بدلا من أن تصل رسالة خاطئة عنوانها أن «الدولة والتطرف.. إيد واحدة».

لا يريد أحد أن يصدق أن المتطرفين وعندما ينتهون من إقامة دولتهم أو «دويلتهم»، ويقضون على «النصارى» وكل أهل الذمة سوف يستديرون للقضاء على الشيوعيين والعلمانيين ثم الليبراليين، وبعدها الإخوان المسلمين، وفى النهاية ستبدأ الحروب الأهلية بينهم خصوصا أن وقودها جاهز، وخلافاتهم الداخلية على أمور الدين والسياسة موجودة وأكثر من أن تحصى.

نحن مع حرية كل فصيل أو حركة أو حزب أو جماعة فى أن تتكلم كما تشاء، أن تشكل حزبا، أن تختلف، أن تخوض الانتخابات، لكن على قاعدة السياسة وعلى قواعد قانونية متفق عليها فى إطار الدولة المدنية لكل مواطنيها. لكننا ضد أن يقوم فصيل بدور «القاضى والجلاد».

هناك ألغاز كثيرة فى الساحة السياسية هذه الأيام أهمها لغز: من المستفيد من إطلاق يد بعض المتطرفين فى الشوارع والمساجد والإعلام لترويع كل المجتمع خصوصا للقوى التى أنجزت الثورة؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي