القادمون من الرصيف الآخر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:38 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القادمون من الرصيف الآخر

نشر فى : الأربعاء 26 مايو 2010 - 10:24 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 مايو 2010 - 10:24 ص

 يوما بعد يوم تتضح الملامح السياسية للمرحلة المقبلة، أى من الآن، وحتى انتخابات رئاسة الجمهورية نهاية العام المقبل.
ولسوء الحظ أن القراءة المبدئية للمشهد تقول بكل وضوح وبلا مواربة إن عصا الأمن وليس لغة السياسة هى التى ستسود فى الأيام المقبلة، حتى ولو سمعنا ملايين التصريحات عن الحرية والديمقراطية وسائر المصطلحات التى لا يمكن قياسها على أرض الواقع.

سيتحدث كثيرون عن الشفافية والنزاهة وعدم التزوير لكن المشكلة أن جزءا كبيرا من التزوير صار يتم الآن قبل الوصول لمرحلة التصويت والتسويد.. آليات التزوير صارت الآن أكثر مهارة وتعقيدا، صارت تعتمد على الترهيب والترغيب.

سيتحدث كثيرون عن احترامهم للبرادعى، وسيطالبه بعضهم بالالتحاق بأى حزب وأن يرضى بـ«المقسوم»، لكن على أرض الواقع يتم اعتقال بعض أعضاء جمعيته إذا نزلوا للشارع وقرروا اقناع الناس بالتحرك، كما حدث مع طبيب الفيوم، ومع نشطاء البحيرة قبل أيام.

سيتحدث الكثيرون عن حياد الأمن، وسيرفع كثيرون شعار «من أجلك أنت»، لكن على أرض الواقع سنجد أن هراوة الأمن هى التى تحولت لتنهى اعتصام عمال شركة أمونسيتو، وبقية الاعتصامات على رصيف البرلمان.

الاعتصامات البسيطة أمام رصيف مجلس الشعب ورغم بساطتها وقلة المنضمين لها، لكنها عكست دلالات كثيرة وخطيرة.. سمعنا تصريحات واضحة لا لبس فيها عن تعاطف كثير من المسئولين مع أصحاب هذه الظاهرة، ومنهم د.
فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، ود. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء. لكن شخصا ما ــ لا نعرف من هو ــ كان له رأى آخر وأصدر قرارا بفض الاعتصام وطرد المعتصمين بالقوة، رغم كل التصريحات الوردية بان قانون الطوارئ لن يطبق إلا على الإرهاب والمخدرات.

قد يكون لمتخذ هذا القرار وجهة نظر ــ نتمنى أن نعرفها ــ لكن ما قد لا يدركه الذين اتخذوا هذا القرار أنهم يسدون كل يوم مزيدا من بقع الضوء القليلة التى يتسرب منها الغضب الشعبى المكبوت.

كنت أتمنى أن يرى قادة الأمن والسياسة وجوه وملامح العمال الغاضبين وهم ينتقلون من الرصيف الموازى لمجلس الوزراء ووزارة الصحة، مندفعين فى لحظات إلى الرصيف الآخر حيث سور مجلس الشعب.

فى اندفاعهم جرفوا أمامهم كل شىء.. حتى جنود الأمن المركزى ــ الغلابة الذين لا يدرك معظمهم ما يحدث حولهم ــ اندفع المعتصمون وهم لا يخشون شيئا، لانهم حسب مراقب كان يتابع اعتصامهم، لا يملكون ما يخافونه ــ فمن الذى يخشى ضياع وظيفته التى تدر عليه دخلا يقل عن مائة جنيه إذا كان موظفا فى مراكز المعلومات التابعة لوزارة التنمية المحلية؟!

الغضب والشرر كان يتطاير من عيون المعتصمين اليائسين وهم يحاولون تسلق أسوار وبوابات مجلس الشعب. على أولى الأمر ان يفكروا كثيرا.. فالأسوار العالية لا يمكنها منع آثار اليأس والغضب والاحباط.. قد تؤجله، لكنها لا تلغيه.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي