قد يصحو الإنسان يوما وبقلبه حزن لا يعرف مصدره: فلا حدث أو خبر يثير الشجن أو يستدعى الحزن ولا ألم يسانده إنما حالة من الحيرة «الضبابية والوهن النفسى تلف الإنسان كخيوط العنكبوت لا يعرف لها سببا ولا يبصر طريقا للخلاص منها، قد يكون الأمر تراكما نفسيا لأحزان خلت أو أحداث مرت.. لكنه أيضا قد يكون ما لا يخطر لك على بالك: الاضطراب العاطفى الموسمى Seadamal offective disorder.
يصنف علماء النفس الاضطراب العاطفى الموسمى كطيف من أطياف الاكتئاب ذى الصلة الوثيقة بالتغييرات المناخية الموسمية «SAD» ينتاب الإنسان فيه شعور بالكآبة والرغبة فى العزلة ربما لأيام أو بعض اليوم ويفقد الاهتمام بالأنشطة الحيوية التى اعتاد ممارستها والقيام بها يوميا ثم تتفاوت الأعراض ما بين عزوف عن الطعام ورغبة فى النوم وصعوبات فى التركيز ومحاولات للهروب من الواجبات العادية اليومية ورغبة فى الصمت وتفادى الكلام.
تفيد الإحصائيات الطبية أن نسبة عشرين بالمائة من مواطنى أمريكا الشمالية «الولايات المتحدة وكندا» يعانون من نوبات خفيفة منه وإن كانت هناك حالات من الشدة تستدعى دخول المستشفيات للعلاج النفسى.
السبب الأساسى فى الاضطراب العاطفى الموسمى إلى الآن يعد مجهولا لكن هناك تفسيرات له قد تفى بالغرض منها اختلاف عدد ساعات الليل والنهار عن بعضها البعض واختلاف درجات حرارة الأجواء والتعرض لضوء الشمس من عدمه وتلك عناصر مؤثرة فى التسبب بمتغيرات عدة بشكل مباشر أو غير مباشر مرتبطة بتدنى مستوى مزاج الإنسان النفسى لدى الإنسان: منها التغييرات التى تعترى الساعة البيولوجية للإيقاع اليومى ومدى توافر مادة السيرتونين فى الدماغ ثم اضطراب آلية تنشيط توازن مستوى هورمون الميلاتونين.
يعتقد العلم أن التعرض لضوء الشمس يحفز إفراز السيرتونين الذى يبعث فى النفس الشعور بالبهجة ويساعد على التركيز بينما انحسار الضوء يحفز إفراز هورمون الميلاتونين الداعم للرغبة فى النوم فيعاود الانحسار مع ضوء الشمس لينهض الإنسان من نومه.
تؤكد دراسات علمية عديدة أن أحد أقوى أسباب انخفاض مادة السيرتونين فى الدماغ هو تدنى فترات التعرض لآشعة الشمس ومع انخفاض مستواه ترتفع احتمالات الإصابة بالنمط الموسمى من الاكتئاب الناتج عن تغير الفصول. بل إن هناك ما يعرف «بأحزان فبراير» من ذلك الطيف من أطياف الاكتئاب التى تعترى خاصة كبار السن نتيجة عزلتهم فى منازلهم فى شهر فبراير الذى تتساقط فيه الثلوج ويبلغ البرد مبلغه فى كندا ويندر تعرضهم لضوء الشمس المباشر.
تغير الفصول واختلاف طول فترة النهار إلى طول فترة الليل يتسبب فى اضطراب توازن مستوى هورمون الميلاتونين الذى يلعب دورا محوريا فى تنظيم عملية النوم واعتدال المزاج النفسى.
كيف يواجه الإنسان سطوة ذلك للاضطراب العاطفى الموسمى؟
الحفاظ على الحيوية النفسية خلال تعاقب الفصول أمر يجب أن ينتبه إليه الإنسان. الالتزام بقدر النوم المعتاد والمتسق طوال فصول السنة حتى لا يضطرب إيقاع الساعة البيولوجية والتعرض لضوء الشمس فترات كافية أثناء النهار خاصة صباحا
يمدان الإنسان بطاقة إيجابية تبدد الإحساس بالكآبة الذى يواكب فترات تعاقب تغير الفصول.
أظنها بالفعل معلومة مهمة أردت أن أشارككم إياها كان لى أن أعرفها حينما دعيت لحضور محاضرة ألقاها طبيب متخصص فى طب الشيخوخة فى الندوة الأسبوعية التى تدعو إليها مستشفى رويال فيكتوريا وتتيح حضورها لكل من يرغب.
المستشفيات هنا لا تكتفى بتقديم الخدمة الطبية فقط بل أيضا تمارس أنشطة خدمية أخرى كثيرة لصحة الإنسان.
دمتم جميعا سالمين