همومنا كثيرة ومشاكلنا أكثر، لكن يمكن أن نؤجل كل ذلك للحظات ويحق لنا أن نفرح قليلا، لأن أغلبية الشعب نجحت فى فرض مرشحها حتى لو كان فوزه بأقل من 2٪.
أكتب هذه الكلمات وأنا خارج لتوى من ميدان التحرير بعد منتصف الليل بقليل، ولأن الأفكار غير مرتبة فإن مقال اليوم عبارة عن تليغرافات سريعة.
● نهنئ الدكتور محمد مرسى بالفوز، ونبارك للإخوان حسن تنظيمهم، ثم نهنئ كل الذين صوتوا لمرسى، حتى لو كانوا مضطرين لذلك بحكم أنهم لا يطيقون شفيق.
● فى الميدان قابلنى شخص من كفر الدوار، قال لى ان ضباط حبيب العادلى حبسوه عام 2000 وعذبوه ووضعوا المسدس فوق رأسه، لكنهم صاروا الان فى السجن وهو حر فى الميدان ،قلت له: هناك سجين اكثر حظا منك، خرج من السجن وسيدخل قصر الرئاسة فى حين من كان رئيسا دخل مكانه السجن.
● غالبية من احتفلوا فى ميدان التحرير لم يكونوا من الإخوان، هم مواطنون عاديون من مختلف الفئات والطبقات، فرحتهم الطاغية سببها انهم حرموا من ذلك طويلا. يستطيع مرسى ان يراهن على هؤلاء البسطاء ليكونوا انصاره الحقيقيين لو دافع عن حقهم فى حياة كريمة.
● فى الميدان كانت هناك سيدات كثيرات بعضهن تفاعلن مع الاغانى الوطنية فى مشهد يقول انه يصعب إعادة العجلة إلى الوراء، ويصبح من الظلم البالغ ان تكون مكافأة هذه السيدات هى الانتقاص من حقوقهن.
● كثيرون مطالبون بالاعتذار للجنة العليا للانتخابات الرئاسية بسبب التلميح تارة والتصريح تارة بأنها أجلت إعلان النتيجة اكثر من مرة فى محاولة للتلاعب فيها. وبغض النظر عما جرى وراء الكواليس وهو امر غير مؤكد ولا نعرفه فإن النتيجة النهائية أدخلت هذه اللجنة القضائية أو الإدارية التاريخ من أوسع ابوابه، وغفرت لاعضائها ما تقدم وما تأخر من اى ذنوب سياسية ارتكبوها.
● بنفس القدر يستحق المجلس الاعلى للقوات المسلحة الاشادة لأنه اشرف على إدارة هذه الانتخابات، وصدق حينما قال انه سيديرها بنزاهة، ورحب بفوز اول رئيس مصرى فى العهد الحديث من خارج المؤسسة العسكرية ــ بل واخوانى ــ واعلن انه سيتعاون معه.
● ثبت للمرة المليون ان الاعتماد على تويتر والفيس بوك فى المعلومات والاخبار يمكنم ان يقود إلى كارثة، وهو فى افضل الأحوال يؤدى إلى خلق مناخ من التشكيك، وعلى قاطنى هذا الكوكب التعامل مع ما يقال فيه باعتباره انطباعات وآراء وليس معلومات يمكن البناء عليه.
● ارتباطا مع ما سبق فقد شهدنا فى الفترة من انتهاء التصويت وحتى إعلان النتيجة حجما من التسريبات لا حصر له، والجديد فى الأمر هو التناقض الصارخ فى كل خبر، أما الطريف فهو أن يفاجئك عشرات الزملاء والاصدقاء بالقول ان مرسى فاز، ثم بعد خمس دقائق يفوز شفيق، وبعد خمس دقائق أخرى يكون الخبر هو إعادة الانتخابات، ثم إعادة جزئية، ثم الغاء الانتخابات بأكملها. وعندما تسأل هؤلاء عن مصادرهم ودقة معلوماتهم يقولون بكل براءة «مصدر من داخل اللجنة». وعندما زاد الأمر عن حده قلت لآخر متصل، كيف تكون هناك عشر معلومات متناقضة مصدرها اللجنة فى حين ان عدد أعضاء اللجنة هو خمسة فقط؟!.
● مرة أخيرة نهنئ الدكتور محمد مرسى بالفوز ونهنئ الشعب المصرى بالتغيير ــ حتى لو اختلف البعض معه ــ من حق الجميع ان يفرح الان، وغدا علينا ان نبدأ فى العمل الجاد، إذا كنا نريد مصر جديدة حقا.