خلفيات لقاء السيسى وأوباما - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خلفيات لقاء السيسى وأوباما

نشر فى : الجمعة 26 سبتمبر 2014 - 7:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 26 سبتمبر 2014 - 7:25 ص

بلقاء الأمس الذى شهدته مدينة نيويورك يكون عبدالفتاح السيسى هو الرئيس الأول الذى يلقاه الرئيس الأمريكى منذ لقائه بالرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 2010. ومنذ تنحى مبارك شهدت مصر تبوء رئاسة مصر أربعة أشخاص، المشير حسين عبدالفتاح طنطاوى، وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم الرئيس المنتخب محمد مرسى، ومن بعده الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، لم يلتق أوباما بأى منهم.

وقد يكون الوضع عاديا وطبيعيا فى حالة ثلاثة من الرؤساء السابقين، إلا أنه لم يكن كذلك فى حالة الرئيس مرسى. من هنا يتساءل البعض، لماذا لم يقابل أوباما مرسى أثناء وجوده فى نيويورك للمشاركة فى أعمال قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عامين، فى حين قابل الرئيس الأمريكى الرئيس السيسى هذه المرة. لم يقابل أوباما مرسى، وذلك على الرغم من سعى الرئيس المصرى السابق لهذه المقابلة، فإن أوباما لم يوافق. أدرك أوباما تطلع مرسى لمقابلة لأسباب متعددة، فقد خرج بيان لمؤسسة الرئاسة ليذكر أن مرسى سيقوم بزيارة واشنطن للقاء أوباما بعد انتهاء زيارته لنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر 2012، ثم خرج بيان للرئاسة المصرية ليذكر أن زيارة مرسى لواشنطن ستتم خلال شهر ديسمبر 2012، وهو ما لم يحدث أيضا. ثم ذكر مرسى بنفسه لمحطة سى إن إن قيامه بزيارة واشنطن ومقابلة الرئيس أوباما قبل انتهاء شهر مارس 2013، وهو ما لم يحدث أيضا. واكتفت إدارة أوباما برسائل تظهر عدم ترحيبها بزيارة الرئيس المصرى إلى واشنطن.

•••

على الرغم من الثناء الأمريكى على دور مرسى فى وقف العدوان على غزة خلال شهر نوفمبر 2012، فإن هذا الثناء انتهى سريعا مع تعديلات مرسى الدستورية وما أعقبها من أحداث قصر الاتحادية. وكان أهم ما شهده ملف العلاقات بين الدولتين اجتماعا تاريخيا يوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2012 حين اجتمع الرئيس أوباما بالدكتور عصام الحداد مستشار رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، وكان مثيرا للدهشة صدور بيان غير معتاد من السفارة المصرية فى واشنطن تم توزيعه على الصحفيين المصريين يبرز خبر مقابلة الحداد وأوباما. وزاد من الاندهاش عدم صدور أى بيان من البيت الأبيض، على غير العادة، يذكر حدوث الاجتماع ويذكر أهم الموضوعات التى تم بحثها.

ويرتبط بما سبق أوهام انتشرت فى مصر من وجود علاقة خاصة جمعت بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين. أوهام ارتأت أن هناك تفاهمات سرية بين إدارة أوباما وبين جماعة الإخوان المسلمين بخصوص خريطة شرق أوسط جديدة تخدم فيه مصر، ذات الأغلبية السنية، أهداف الولايات المتحدة. وتجاهلت هذه الأوهام أن صعود ظاهرة الإسلام السياسى، ونجاح القوى الاسلامية بالفوز فى كل الانتخابات الحرة التى خاضتها، سواء فى مصر أو حتى خارجها، هو خيار شعوب هذه المنطقة. ولم يسمع لأصحاب هذه الأوهام أصوات تعلق على تقبل واشنطن الواقع الجديد فى عهد ما بعد الإخوان، وعدم اكتراثها بوجود آلاف المعتقلين من الإخوان من بينهم كبار قادة الجماعة والرئيس الأسبق محمد مرسى، وما أعقب ذلك من ضم الجماعة للائحة الإرهاب المصرية.

•••

أعتقد البعض خطأ أن أوباما لن يقابل السيسى خلال السنتين المتبقيتين فى فترة رئاسته الثانية. ودعم هذا الاعتقاد ما قاله أوباما عقب فض اعتصامات ميدانى رابعة والنهضة، ومقتل المئات من أنصار الرئيس السابق محمد مرسى، ومطالبته بضرورة مراجعة علاقات بلاده مع مصر بصورة شاملة. وقد ذكر أوباما خلال حوار له مع شبكة سى إن إن يوم 23 أغسطس 2013 «أن العلاقات لن تعود على ما كانت عليه بسبب ما حدث».

وقبل ذلك ألغى الرئيس الأمريكى مناورات النجم الساطع التى كان من المقرر لها أن تجرى قبل نهاية عام 2013 على الأراضى المصرية بين الجيشين المصرى والأمريكى، ثم جمد المساعدات العسكرية كاملة يوم 9 أكتوبر الماضى، ولم يفك الحظر حتى اليوم.

ولم يخاطر السيسى من جانبه باتخاذ رد فعل قوى على هذا الموقف الأمريكى، ووصف خلال حملته الانتخابية الرئاسية العلاقات مع واشنطن بأنها علاقة استراتيجية مستقرة وثابتة، إضافة لتفهمه، كما ذكر، للمنطق الأمريكى فيما يتعلق بتجميد المساعدات العسكرية عقب أحداث الثالث من يوليو.

وأدركت واشنطن من ناحيتها أن النظام الجديد فى القاهرة لا يريد لنمط العلاقات التى جمعت واشنطن بنظام مبارك أن يتغير. ودلت خبرة علاقات الدولتين على محورية دور ورؤية الرئيس المصرى لهذه العلاقات.

•••

وبعد ذلك ظهر تنظيم داعش ووقعت أزمة غزة الأخيرة لتؤكد لواشنطن أهمية الدور المصرى فى القضايا الإقليمية المتكررة فى الشرق الأوسط، وتجعل من لقاء أوباما والسيسى تطورا طبيعيا لتدهور الأوضاع فى المنطقة. وتؤكد واشنطن من ناحيتها، كما جاء على لسان وزير خارجيتها جون كيرى، على أن «مصر هى خط الدفاع الأول فى مواجهة إرهاب داعش، وندعم الجهود التى تقوم بها لمواجهة الجماعات الإرهابية بسيناء». ثم ذكر السيسى فى حواره مع وكالة أسوشيتدبرس التزام مصر الكامل «بالتعاون لمكافحة الإرهاب فى المنطقة، مش بس على قد التعامل مع مسألة داعش لوحدها، لا، إحنا بنتكلم على دعم كامل من جانب مصر لإستراتيجية كاملة لمكافحة الإرهاب فى المنطقة والعالم كمان».

وبلقاء الأمس بين السيسى وأوباما، يتأكد لنا أن كل ما شهدته مصر من تغييرات دراماتيكية خلال السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية لم تنجح فى هز طبيعة العلاقات الخاصة التى جمعت الدولتين. ويظهر لنا عدم اكتراث واشنطن بما يحدث فى الداخل المصرى إلا بمقدار ما يتركه ذلك على دور مصر المهم والمتوقع فى التعامل مع الواقع الإقليمى الشديد التعقيد.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات