فى خطاب افتتاح الدورة الشتوية للكنيست وصف رئيس الحكومة العلاقة الرائعة التى راكمها بالإدارة الأمريكية، والشراكة الفكرية بين الدولتين، والخطوات التاريخية التى يقوم بها ترامب، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ووقف تمويل الأونروا.
نتنياهو على حق. نحن أمام فرصة سياسية نادرة، وعلينا أن نستغلها كى نتخلص أخيرا من رؤية أوسلو وحل الدولتين، وكى نفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء البلد فى الضفة الغربية.
فى العقد الأخير تضافرت عوامل اجتماعية وسياسية، محلية وإقليمية، دفعت أغلبية الشعب فى إسرائيل، وكذلك كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية، إلى خلاصة مفادها أن فكرة الدولتين ليست «الحل» للنزاع، بل هى مادة وقود لإشعاله. مطالبة الفلسطينيين بالتخلى عن معتقداتهم ومثلهم العليا والتوقيع على خط حدود نهائى، وعلى نهاية النزاع ونهاية المطالب، هو العامل المركزى للعنف والإرهاب ضدنا. هذه مطالبة لا يستطيعون تحملها، وسيفعلون كل ما فى وسعهم لمنعها.
يكرر مهندسو اتفاق أوسلو وشركاؤهم الادعاء أنه يجب التمييز بين «فتح» و«حماس». لكن تدل الـ25 عاما الماضية على أن هذا التمييز مصطنع. الفارق بين التنظيمين هو تكتيكى فقط: «حماس» تتحدث علنا عن تطلعها إلى القضاء على الدولة الصهيونية، «والسير حتى النهاية»: عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم ومنازلهم فى يافا والرملة، وحيفا وصفد، ومعارضة أى تسوية إقليمية.
فى المقابل، يسير أبومازن على طريق أستاذه ومعلمه عرفات، وفق عقيدة المراحل: هو مستعد لقبول دولة ضمن حدود 1967، لكن فقط كمرحلة أولى. وهدفه مشابه لهدف «حماس»: القضاء على دولة إسرائيل. لذلك فهو غير مستعد للتخلى عن حق العودة، وتوقيع «إنهاء النزاع ونهاية المطالب»، والاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى. ولهذا السبب ليس للفلسطينيين دولة، لسنا نحن السبب بل هم.
على افتراض وجود اتفاق بين اليسار واليمين على أنه لا يجوز الاستمرار فى سياسة «اجلس ولا تفعل شيئا»، فإن المطروح للنقاش خياران: الانفصال أو الضم. جهات فى اليسار، مثل معهد أبحاث الأمن القومى، تقترح البدء بالانفصال من طرف واحد من الضفة الغربية، أى إعطاء الفلسطينيين دولة على أجزاء من وطنهم، أى موقع متقدم للقضاء على إسرائيل، من دون المطالبة بأى مقابل.
فى مقابل ذلك، يقترح اليمين، تحويل القطار عن مسار أوسلو وتغيير اتجاهه. وبدلا من المتمسّكين بأوسلو الآن الذين يحاولون فرض أفكار من الأعلى على الشعبين من أجل «إنهاء النزاع»، حان الوقت لخلق واقع يقوم على حياة مشتركة من الأسفل، يؤدى تلقائيا إلى إنهاء النزاع، بطريقة طبيعية رويدا رويدا، ولأن نقيم على أساس الواقع الحالى مساحتى عيش منفصلتين، إسرائيلية وفلسطينية، بطريقة تضمن أغلبية يهودية، وإلغاء الحكم العسكرى، وتطبيع الحياة فى الضفة الغربية.
فى منطقتى (أ) و(ب) اللتين يعيش فيهما 98% من الفلسطينيين، يُقام حكم ذاتى، ويُعطى السكان الحرية الكاملة للعمل من كل النواحى (التعليم والثقافة، والسياحة، والاقتصاد، والرفاه، وغيره).
فى المنطقة (ج) تطبق إسرائيل القانون الإسرائيلى المدنى. وفى الوقت عينه تعمل على تقليص نقاط الاحتكاك بالفلسطينيين، وتوسع حرية تنقلهم، وعلى تطوير بنية تحتية وخلق الظروف لنمو اقتصادى وتحسين نوعية الحياة. كل ذلك بواسطة خطوات هدفها استبدال الأسوار بجسور.
بخلاف خطة اليسار التى تثير توترا وتحفزا مستمرين، هذه الخطة تخلق تهدئة. فى اللحظة التى نتوقف عن تحديد الأسس، ولا يكون مطلوبا لا من العرب ولا من اليهود التنازل عن أحلامهم، ومحو هويتهم، وطمس روايتهم، واتخاذ قرار حاسم «الآن» فى القضايا المطروحة. هذا هو الجو الذى من الممكن أن نخفض فيه من مستوى الكراهية والخوف وأن نحمل الاستقرار والازدهار إلى شعوب المنطقة.
لقد صرح الأمريكيون أنهم منفتحون على الاستماع وتعلّم أفكار جديدة. كل ما هو مطلوب أن يلتقط نتنياهو التحدّى، ويستغل الفرصة التاريخية التى سنحت، ويقود العملية التاريخية التى ينتظرها منه المعسكر القومى كله: إعادة السيادة الإسرائيلية فى كل أجزاء وطننا.
يسرائيل هَيوم
عينات روت