قمة العبث فى سوريا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:28 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمة العبث فى سوريا

نشر فى : الخميس 26 نوفمبر 2015 - 11:15 م | آخر تحديث : الخميس 26 نوفمبر 2015 - 11:15 م
زميلة عزيزة كتبت على صفحتها على الفيس بوك تقول: «ياريت يا جماعة كل دولة بتضرب فى سوريا تأخذ بالها من الإرهابيين بتوع الدول التانية.. نحاول نستوعب بعض يا جماعة!». ما قالته الزميلة فى «البوست» هو أقرب شىء إلى الحقيقة كما أراها وأفهمها.

ما يحدث فى سوريا عبثى ومجنون، ولا يوجد هناك ملائكة، بل الكثير من الشياطين.

ربما من فوائد التدخل الروسى الأخير فى سوريا أنه كشف الكثير من المؤامرات ضد سوريا والمنطقة العربية، فى حين يزعم الجميع أنه يدافع عن الشعب السورى.

مبدئيا روسيا ليست تجمعا للملاءمة، ولم تتدخل من أجل مصلحة كل السوريين، بل من أجل ما تراه أنه يصب فى إطار مصالحها كدولة عظمى أو كبرى، بالضبط كما تفعل غالبية الدول الكبرى.

هى ترى أن المشكلة ليست فى نظام بشار الأسد بل التطرف الإسلامى الذى يجتاح المنطقة. وهذا الرأى قد يرضى البعض، لكن كثيرين يعارضونه ويعتبرون نظام الأسد هو أصل المشكلة لأنه لولا استبداده، ما كانت الثورة قد اندلعت أصلا، ولولا دمويته فربما لم تكن داعش قد وصلت إلى سوريا قادمة من العراق، ومن كل منطقة عربية شهدت ظلما واستبدادا.

كثيرون ــ وأنا منهم ــ توهمنا أنه عندما قررت أمريكا قيادة تحالف من نحو ستين دولة لمحاربة داعش قبل نحو عام ونصف العام، فإنه كان يفترض أن يتم هزيمة هذا التنظيم الدموى خلال أيام وبالأكثر خلال أسابيع، لكن الذى يحدث هو أن التنظيم تعملق وانتشر وصار يسيطر على أكثر من نصف سوريا وربع العراق، ومساحات فى ليبيا واليمن، والله أعلم أين سيتمدد إذا استمرت نفس السياسات الدولية.

التدخل الروسى أربك كل الحسابات الدولية، وكشف الكثير من الحقائق التى كنا نظنها أوهاما أو إشاعات.

كنا نعتقد مثلا أن تركيا ضد داعش بما أنها تقول إنها تحارب التطرف، وأنها منضمة إلى التحالف الدولى، ثم اكتشفنا منذ معركة عين العرب أو «كوبانى» قبل نحو عام، إن قضيتها الرئيسية هى محاربة الأكراد ومنع نشوء أى دولة موحدة لهم أو حتى حصول تواصل جغرافى بين المناطق التى يسيطرون عليها فى العراق.

وعندما أسقطت تركيا المقاتلة الروسية يوم الثلاثاء الماضى فإنه بات من شبه المؤكد أنها لا تريد القضاء على داعش، وإذا سقطت أو أسقطتها فإنها تريد أن يكون البديل هو تمكين أنصارها فى حكم سوريا خصوصا جماعة الإخوان.

وعندما يؤيد حلف الأطلنطى، والناتو الهجوم التركى على الطائرة الروسية، فالمعنى أن العملية بأكملها مخططة، خصوصا أن تركيا عضو مهم فى هذا الحلف.

سيقول البعض إن من حق تركيا أن تدافع عن أمنها القومى بالطريقة التى تناسبها، ولكن من حقنا أيضا كعرب أن نفكر فى كيفية الدفاع عن مصالحنا القومية، وأن نعرف من هو عدونا ومن هو صديقنا.

المأساة أن هناك أطرافا عربية خصوصا فى منطقة الخليج بدأت تتبنى الرؤية الأمريكية التركية، باعتبارها هى الرؤية الوحيدة للحل فى سوريا.

الآن ندرك أن الجميع تقريبا يمارس الرقص المجنون على أشلاء سوريا وشعبها، وأن من يدعى الدفاع عن الإسلام، هو فى الحقيقة جزء أصيل من التصور الأمريكى للمنطقة.

كثيرون سألوا سؤالا بسيطا: إذا كانت أمريكا وتركيا وقطر وآخرون يزعمون ليل نهار أنهم يريدون القضاء على داعش ويتهمون نظام الأسد بأنه هو من اخترعها، فلماذا يعارضون الضربات الروسية ضدها، ولماذا تسقط تركية مقاتلة روسية كانت فى طريقة لقصف أهداف لداعش.

مرة أخرى الجميع تقريبا يمزق سوريا ونحن نتفرج، والخاسر الأكبر هو الشعب السورى ووحدة تراب سوريا، ويتحمل النظام المسئولية الكبرى فى الوصول إلى هذه اللحظة المأساوية لكل المنطقة.

الظلم والفقر والاستبداد هو الذى ينتج داعش ويستجلب التدخل الأجنبى.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي