وثيقة محدّثة لاستراتيجية الجيش الإسرائيلى تأخذ بالاعتبار التغيرات فى الساحة الإقليمية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وثيقة محدّثة لاستراتيجية الجيش الإسرائيلى تأخذ بالاعتبار التغيرات فى الساحة الإقليمية

نشر فى : السبت 27 يناير 2018 - 10:35 م | آخر تحديث : السبت 27 يناير 2018 - 10:35 م

ترى الوثيقة المحدثة لاستراتيجية الجيش الإسرائيلى، التى جرى توزيعها فى الجيش قبل حوالى شهرين، أن الساحة الفلسطينية هى الأكثر قابلية للانفجار بالنسبة إلى إسرائيل. على الرغم من ذلك، فإن فى سلم التهديدات التى يستعد الجيش الإسرائيلى لمواجهتها، يأتى خطر الساحة الفلسطينية فى الوثيقة الجديدة فى المرتبة الثانية، من حيث الأهمية. يتقدم عليه فى نظر هيئة الأركان العامة التهديد الناشئ من المحور الشيعى الذى تؤسسه إيران، والذى شمل فى العامين الأخيرين سورية إلى جانب حزب الله فى لبنان. أما التهديد الثالث من حيث الأهمية، بالنسبة إلى الجيش فهو المتمثل فى التنظيمات الجهادية العالمية، وفى تنظيمات سنية متطرفة، وعلى رأسها القاعدة وتنظيم داعش.

فى صيف 2015، وبعد مرور نصف عام على تولى غادى أيزنكوت منصبه كرئيس للأركان، أنهى فى خطوة غير مسبوقة صوغ الوثيقة الاستراتيجية، التى نُشرت نسختها غير المصنفة بأنها سرّية علنا. وأثارت هذه الوثيقة، حينذاك، نقاشا واسعا نسبيا وسط الباحثين والخبراء، وخصوصا لأن رئيس الأركان تجرأ على التسلل إلى مناطق حساسة، مثل العقيدة الأمنية وأهداف الجيش الإسرائيلى القتالية، التى يستمر المستوى السياسى بالتهرب من معالجتها. عندما صدرت الوثيقة، رأى أيزنكوت أنه ستكون هناك حاجة إلى تحديثها بما يتلاءم مع التطورات الأمنية. وفى نوفمبر الماضى، انتهى العمل على الصيغة المحدثة للاستراتيجية، التى لم تُنشر علنًا هذه المرة. وننشر فيما يلى، لأول مرة، مبادئ هذه الاستراتيجية.

بين التحديثات التى تضمنتها الوثيقة، تقسيم المنطقة إلى «مجموعات مواجهة» (التهديدات الموجهة إلى إسرائيل)، فى مقابل «مجموعات تعاون» (دول صديقة أو تلك التى يمكن أن نقيم قدرا من التنسيق معها)، التشديد على الأهمية المتزايدة «للمعركة بين الحروب» التى تديرها إسرائيل ضد تعاظم قوة المنظمات الإرهابية، وتحليل طريقة استخدام القوة العسكرية، كدمج بين مقاربة الحسم فى الحرب وبين مقاربة المنع والتأثير. ويشدد أيزنكوت على أن أكبر اختبار للجيش هو فى تطبيق الاستراتيجية، وإعداد الجيش للتحديات والعمل بحسب خطط متعددة. «هدفنا هو الدفاع والانتصار»، يكتب رئيس الأركان فى مقدمة الاستراتيجية الجديدة، التى وُزعت نُسخ منها داخل الجيش، وأُرسلت إلى أعضاء المجلس الوزارى المصغر، بعد عرضها على وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان.

تتوقف الصيغة الجديدة أمام التعاون بين إسرائيل والدول المعتدلة فى المنطقة والقوى العظمى العالمية، وفى طليعتها الولايات المتحدة. وتشدد على أن هدف عمليات الجيش الإسرائيلى المساهمة فى تعزيز مكانة إسرائيل فى الساحتين الدولية والإقليمية. وجاء فى الوثيقة: «فى نظرة إلى السنوات القادمة، ستتمتع إسرائيل بمكانة استراتيجية متينة وميزان إيجابى مقارنة مع أعدائها». والتوجهات التى تساهم فى ذلك هى: التأييد الأميركى لإسرائيل، رفض التهديد النووى الإيرانى، ضعف الدول العربية، انشغال دول المنطقة بمشكلاتها الداخلية، تبدُّد إمكان نشوء تحالف عربى يحارب إسرائيل، والتفوق العسكرى الواضح لإسرائيل على أعدائها.

يبرز فى وصف التهديدات الأمنية هذه المرة دور إيران. النسخة الأولى من استراتيجيا الجيش الإسرائيلى جرت كتابتها على خلفية نافذة الفرصة الإقليمية التى برزت مع توقيع الاتفاق النووى، الذى نظر إليه رئيس الأركان نظرة أكثر تفاؤلا من نظرة رئيس الحكومة. فى النسخة الجديدة جرى التشديد على الدور السلبى لإيران فى مجالات أُخرى: تأسيس محور نفوذ شيعى، وإمكان نشوء تهديد تقليدى خطر فى المستقبل، من خلال انتشار ميليشيات شيعية على الحدود بين إسرائيل وسورية فى الجولان. وجاء فى الوثيقة أن تهديد المحور الشيعى آخذ فى الازدياد. فى مقابل ذلك، تبدو الساحة الفلسطينية هى الأكثر قابلية للانفجار. وبحسب الوثيقة سيكون لحركة «حماس» فى غزة تأثير كبير فى إمكان نشوء تصعيد فى الضفة الغربية، وعلى الجيش الإسرائيلى الاستعداد لمواجهة سيناريو أكثر تطرفا، مثل نشوب مواجهة مباشرة مع الأجهزة الأمنية فى السلطة الفلسطينية، كما حدث فى الماضى خلال عملية «السور الواقى» سنة 2002. وتذكر الوثيقة لأول مرة تهديد «المهاجم الفرد» الذى برز فى موجة هجمات السكاكين التى بدأت فى أكتوبر 2015، واتخذت بالتدريج أهمية أكبر بكثير من الإرهاب المنظم فى المناطق المحتلة.
يشرحون فى الجيش الإسرائيلى سبب تحديث الوثيقة الأساسية بالتغييرات التى طرأت منذ نشرها على الساحة الإقليمية. وبالإضافة إلى تعمق التدخل الإيرانى فى سورية، هناك أيضا الوجود الروسى هناك (الذى بدأ بعد نشر الوثيقة الأولى)، وبناء العائق ضد الأنفاق على الحدود مع غزة، وتصاعد خطر داعش فى سيناء.

ويشير الجيش إلى تقدم العدو فى عدة مجالات، بينها فى دقة تصويب النار، وفى القدرة على إلحاق أضرار خطرة بالبنى التحتية فى إسرائيل، وشراء سلاح متقدم يهدف إلى تعطيل القدرة على المناورة البرية للجيش الإسرائيلى، وتنامى التهديد السيبرانى من جانب «لاعبين كثيرين»، ومحاولات العدو خوض «حرب مجالها الوعى، والشرعية، والقانون». وتخلص الوثيقة إلى «توجّه مستمر ومتزايد نحو نقل القتال إلى أراضينا».

فى المقابل، يشرح الجيش مبادئ عقيدة الأمن الوطنى كالتالى: استراتيجيا أمنية دفاعية، هدفها حماية الوجود، وردع العدو، وتقليص التهديدات، وتأجيل المواجهات العسكرية بمقدار ما هو ضرورى. هذه العقيدة العسكرية نفسها ستكون هجومية وقت الحرب، وستتمسك بالمبادئ التى وضعها ديفيد بن غوريون: الحاجة إلى نقل القتال إلى أرض العدو وتقصير أمد الحرب، من أجل العودة إلى وتيرة الحياة الطبيعية بأقصى سرعة ممكنة.

عاموس هرئيل
هاآرتس

التعليقات