نتنياهو يخاطر بالرصيد الإسرائيلى الذى لا بديل عنه.. الولايات المتحدة - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 8:23 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو يخاطر بالرصيد الإسرائيلى الذى لا بديل عنه.. الولايات المتحدة

نشر فى : الأربعاء 27 مارس 2024 - 7:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 27 مارس 2024 - 7:20 م

إن قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (معاقبة الإدارة الأمريكية وعدم إرسال الوفد الذى كان يجب أن يذهب إلى واشنطن من أجل بحث مسألة رفح) هو دليل ثابت يشير إلى أن الرجل لم يعد صالحا للحكم. وهناك انطباع بأن الوضع يبدو وكأن ابنه يائير نتنياهو وزوجته ساره قد حلاّ محله. إن نتنياهو يهين الإدارة الأمريكية، وهو يفعل ذلك لأنه يشعر بذلك.
والهدف الحقيقى للأزمة التى لا حاجة إليها والمفتعلة، والتى بادر إليها إزاء الإدارة الأمريكية، هو تغيير جدول الأعمال فى وسائل الإعلام، وتحويل النقاش إلى النزاع بينه وبين بايدن، وصرفه عن قانون التهرُب من الخدمة العسكرية الكارثى الذى طُرح على الحكومة لمناقشته قبل أيام قليلة، وهو مستعد للتضحية بالعلاقات مع الولايات المتحدة فى مقابل قسيمة إعلامية ــ سياسية قصيرة الأمد. إن كل يوم يمر وهذا الرجل فى الحكم يشكّل ضررا استراتيجيا على مستقبل دولة إسرائيل.
لكن ليس نتنياهو وحده المسئول، معه بنى جانتس، وجادى أيزنكوت، وجدعون ساعر، ومع كل الاحترام لاستطلاعات الرأى والمقاعد التى تنبأت لجانتس، فهو لا يستطيع أن يعفى نفسه من تحمّل مسئولية حملة التدمير المجنونة التى يقوم بها رئيس الحكومة. وكما لا يستطيع نتنياهو أن يغير حقيقة أنه كان رئيسا للحكومة فى 7 أكتوبر، وبالتالى يتحمل المسئولية الكاملة والشاملة، فإن جانتس وأيزنكوت أيضا لا يمكنهما التهرب من حقيقة أنه فى اليوم الذى قرر فيه نتنياهو «معاقبة» الولايات المتحدة وإهانة الرئيس بايدن مرة أُخرى، كانا فى الحكومة وصفّقا.
خلال ولاية نتنياهو الأولى فى التسعينيات، كان فى الولايات المتحدة رئيس ديمقراطى مؤيد لإسرائيل، اسمه بيل كلينتون، وقد كان كبايدن، لكن أكثر شبابا. وفى نهاية لقائهما الأول فى البيت الأبيض، قال كلينتون للمقربين منه إنه خلال لحظات فى الاجتماع بينهما، خُيل له أن نتنياهو هو رئيس أقوى دولة فى العالم. وفى ذلك الوقت، كان هذا الكلام مثيرا للضحك، لكنه الآن مخيف.
نتنياهو الآن لا يراهن على منزله وأملاكه، إنما يراهن على منازل الشعب الإسرائيلى وأملاكه، وعلى الرصيد الإسرائيلى الوحيد الذى لا بديل عنه؛ الولايات المتحدة الأمريكية. وهو يفعل ذلك وهو يعرف الأهمية الهائلة للتحالف الإسرائيلى ــ الأمريكى بالنسبة إلى أمننا القومى، ويعرف أن أحد أهم العوامل التى كانت تردع أعداءنا على مر السنوات هو أن الولايات المتحدة كانت دائما تقف إلى جانبنا، وستبقى كذلك فى المستقبل، والجيش الإسرائيلى غير قادر على القيام بأى عملية فى الجنوب أو فى الشمال من دون أن يعرف أنه سيكون محميا بمظلة جوية أمريكية، وبالسلاح والعتاد وقطع الغيار والقنابل وغيرها.
كما أنه يفعل ذلك على الرغم من معرفته بأنه، بعكس الائتلاف الحكومى الذى يمكنه استبداله وتغييره، فإنه لا يوجد بديل أمام إسرائيل من الولايات المتحدة، ولو بصورة جزئية، فهناك الولايات المتحدة فى جانب، وفى الجانب الآخر نجد الصين وروسيا بمشاعر واضحة موالية للإسلام والشعب الفلسطينى، ومعادية لإسرائيل.

• • •

لماذا كل هذه الضجة؟ بسبب قرار مجلس الأمن التصريحى فقط، والذى لن ينتج منه أى عمل أو عقوبات، إنما هو قرار يضمن بندَين: وقف إطلاق النار من جهة، وإطلاق كل الرهائن الإسرائيليين من الجهة الثانية. وهذه تحديدا هى السياسة الأمريكية، وهذا هو مضمون القرار الأمريكى، والذى تأجل فى الأسبوع الماضى بسبب فيتو الصين وروسيا، أمّا نتنياهو، فقد اخترع أزمة مصطنعة فقط من أجل إثارة شجار مع بايدن، والحصول على «لايكات» لأسلوبه كزعيم قوى.
إنه يعلم أن قانون التجنيد الفاسد الذى يُطرح على الحكومة يمكن أن يصبح قبره السياسى، لذلك، فهو يفضل استخدام ممارسته القديمة من أجل تحويل الانتباه الإعلامى إلى الأزمة مع واشنطن.
لم يسبق أن حصلت إسرائيل على مساعدات بهذه الأحجام الهائلة التى قدّمها الرئيس بايدن منذ 7 أكتوبر، ويُذكر يومها أنه جرى الحديث عن حرّية للعمل العسكرى «حتى نهاية العام»، ومن بعدها، طُرح إمكان قبول الأمريكيين استمرار الجيش الإسرائيلى فى عمليته فى غزة خلال يناير. وفى هذه الأثناء، مر فبراير، وها هو ذا شهر مارس يكاد ينتهى، والصبر الأمريكى استمر وطال، وكل ما طُلب من نتنياهو أن يفعله كرد لجميل الرئيس بايدن على تأييده الكبير بكل الوسائل هو السماح بدخول المساعدة الإنسانية، والحديث عن «اليوم التالى.
يقول الكاتب آساف ميدنى فى مقاله على صحيفة معاريف: «قبل شهر تقريبا، أعلن نتنياهو أن إسرائيل تعارض الاعتراف الأحادى الطرف بالدولة الفلسطينية» قائلا: »هذا سيكون بمثابة منح الإرهاب جائزة»، وأضاف: «إن حلا كهذا يجرى التوصل إليه بالمفاوضات المباشرة، ومن دون شروط مسبقة». لكن ليس نتنياهو وحده من يتهرب من معالجة المسألة، فالتفاصيل التى تقدَّم إلى الجمهور الإسرائيلى بشأن «اليوم التالى» جزئية ومبهمة، إذ إن الرغبة فى المحافظة على القاعدة هى التى تسيطر على رئيس الحكومة، وكذلك على الوزيرَين، بنى جانتس وجادى أيزنكوت.
ويضيف: لا أحد يذكر المرحلة الأخيرة، والتى تتضمن دولة فلسطينية منزوعة السلاح عاصمتها القدس الشرقية. يتعين على قيادة مسئولة وحكيمة أن تقول ذلك الآن، وهذا ليس مكافأة لأحداث مذبحة 7 أكتوبر، إنما هو التصرف الراشد؛ فبعد خيبة الأمل من اتفاق أوسلو الذى أصبح مثقوبا، فإن هذه هى الاستراتيجيا الصحيحة، والولايات المتحدة مهتمة بها مع بايدن، وكذلك ترامب والسعودية، وحتى نتنياهو مهتم بها، لكنه مقيد بسلاسل سياسية واجتماعية عميقة.

إن عدم وجود سياسة لدى نتنياهو يعمق الشرخ مع الولايات المتحدة.

بن كسبيت
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات