لا حل إلا بنسف منظومة التعليم الفاسدة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:35 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا حل إلا بنسف منظومة التعليم الفاسدة

نشر فى : الإثنين 27 يونيو 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 27 يونيو 2016 - 10:00 م
فى العاشرة إلا الربع من صباح أمس كنت أمر من شارع إسماعيل أباظة فى طريقى إلى «الشروق». فجأة وجدت أعدادا غفيرة من الشباب تخرج من محطة مترو سعد زغلول متجهة إلى وزارة التربية والتعليم المواجهة لها.

هؤلاء كانوا طلابا فى الثانوية العامة، وجاءوا ليتجمعوا ويتظاهروا مع زملاء آخرين احتجاجا على قرار الوزارة بإلغاء امتحان مادة الرياضات التطبيقية «الديناميكا»، وتأجيل بقية الامتحانات.

تحدثت مع عدد كبير من الطلاب الغاضبين، وكان خلاصة رأيهم هو الآتى: «نحن اجتهدنا وذاكرنا وسهرنا وأنفق أهالينا آلاف الجنيهات على الدروس الخصوصية، وذهبنا إلى اللجان، معظمنا لم يعرف حكاية التسريبات، تركيزنا انتهى فى اللحظة التى خرجنا فيها من اللجان، وجهازنا العصبى مبرمج على أن الامتحانات بأكلمها كان يفترض أن تنتهى هذا الأسبوع، فلماذا تجبرنا الحكومة على التأجيل، وأداء الامتحانات مرة أخرى، وقد لا نؤدى فيها بالمستوى المطلوب، ونخسر الكثير من الدرجات، لأن مجموعة من المسربين قرروا أن يتحدوا وزارة التعليم وربما الحكومة بأكملها.. فما ذنبنا.. ولماذا نتحمل فشل المنظومة التعليمية؟!

الطلاب وقفوا أمام الوزارة، وهتفوا كثيرا خصوصا «مش هنعيد الامتحان» و«سرب سرب الامتحان.. وإحنا هننزل الميدان» و«فركش فركش فى اللجان.. إحنا معانا الامتحان»!

فى المقابل أحد الأصدقاء قال لى إن المدرس الذى يقوم بإعطاء ابنه درسا خصوصيا، قام بإرسال إجابة الديناميكا فى الواحدة صباحا على مرحلتين عبر «الواتس آب»، ومعنى ذلك أن الامتحان وإجابته كانت متاحة للجميع من المدرسين الخصوصيين و«السناتر» قبل انعقاده بوقت طويل. إذا الطلاب وأهاليهم ــ كان الله فى عونهم ــ لهم كل الحق فى الغضب، ولكن الوزارة أيضا كانت مضطرة لإلغاء الامتحان، وإلا صار الأمر أقرب إلى «المهزلة أو المسخرة».

السؤال الجوهرى الذى ينبغى ألا نتوقف عن طرحه هو: من هى الجهة التى تريد الاستمرار فى إهانة الوزارة بل والحكومة بهذا الشكل، وهل الأمر متوقف على بضع صفحات على وسائل التواصل الاجتماعى مثل شاومينج وغيره أم أن الأمر أكبر من ذلك كثيرا، والسؤال الأهم: كيف تفشل كل أجهزة الحكومة فى وقف هذه المهزلة حتى الآن؟!

من الواضح أن ما يحدث يكشف أن المنظومة بأكملها فاسدة ومهترئة وتحتاج إلى نسف من أساسها. القضية ليست وزير التعليم، هى أكبر منه ومن كل المسئولين داخل الوزارة وخارجها. ما نسمعه من حكايات عن الطريقة، التى تُدار بها المنظومة التعليمية منذ سنوات، ومنها تعيينات مديرى المديريات والوكلاء «والجنيهات الذهب» تشيب لها الولدان.

من الواضح أيضا أن المشكلة ليست صفحات الغش الإلكترونى، التى تسرب الامتحانات بعد بدئها، لكن الأصل فى المشكلة هو وجود ما يشبه العصابة داخل وزارة التربية والتعليم تقوم بتسريب ممنهج للامتحانات.

فى الماضى كان يتم التسريب لبعض أبناء الكبار وينتهى الأمر، لكن الآن صار لدينا «عدالة فى التسريب!»، ولذلك يعتقد البعض أن التسريب كان مفيدا من جهة واحدة أنه كشف «تعفن هذه المنظومة بأكملها»، الواضح أيضا أنه ربما حدث نوع من التلاقى أو زواج المصلحة بين مافيا الفساد داخل الوزارة، وبعض من يريد الإساءة إلى هيبة الحكومة وإحراجها، لأن البعض يعتقد أنه الأمر خرج من مجرد تسريب امتحان لإفادة بعض الطلاب إلى مرمطة سمعة الحكومة فى الأرض، مراهنا على إحداث انفجار اجتماعى يمكن استغلاله فى المشهد السياسى الراهن.

لا يمكن استبعاد أى شىء بطبيعة الحال، لكن قبل أن تلوم الحكومة أى طرف، عليها أن تحاسب نفسها أولا، ولماذا لم تتخذ الإجراءات المطلوبة لوقف ذلك منذ البداية، لماذا لم تحقق وتدقق فى الحلقة المسئولة عن التسريب ورحلة ورقة الأسئلة منذ طبعها وحتى تسليمها إلى اللجان. المؤكد أن هناك طرقا كثيرة لمنع هذه المأساة من التكرار بهذا الشكل الفج.

سقطت الوزارة، وسقطت الحكومة فى هذا الامتحان، وحصلت على صفر أكبر من صفر المونديال كما كتب البعض أمس.

المسألة أكبر بكثير من مجرد تسريب امتحان أو نشر إجابته، هى مسألة عجز وقلة حيلة وفشل وانعدام للكفاءة.. فهل نستمر فى المواجهة بنفس الآليات التقليدية أم يتم نسف هذه المنظومة الفاسدة والبدء على نظافة، وقد يسأل البعض: وحتى إذا كانت هناك نية للتنظيف، فهل نملك الآليات والكفاءات لذلك أم أن السرطان وصل إلى العظم؟!
عماد الدين حسين  كاتب صحفي